الشرق اليوم- إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، “لا يستطيع تحدي الواقع لفترة طويلة”، بسبب سياساته الاقتصادية التي “ستؤدي إلى زيادة المخاطر”، مع تردي قيمة العملية المحلية الليرة ورفضه رفع أسعار الفائدة.
وتحدثت مجلة ” The Economist” عما وصفته بـ”عناد” الرئيس التركي منذ وصوله للسلطة قبل عقدين وعدم رغبته في سماع الأصوات الأخرى، مشيرة إلى إنه مع كل تحد واجهه، مثل احتجاجات غيزي بارك عام 2013 ومحاولة الانقلاب في عام 2016، زاد “غروره”، واستقال المستشارون العقلاء، وتركوه محاطا بأقاربه.
ويرفض أردوغان أي تفسيرات لسياساته الاقتصادية الخاطئة ويعتبرها جزءا من “لوبي الفائدة” الذي تسيطر عليه قوى أجنبية. ويقول: إن “مؤامرات الأعداء” هي سبب الانتكاسات التي يواجهها، فيما يحاول شعبه التكيف مع “سياساته المضللة”، على حد تعبير “إيكونوميست”.
ويقول التقرير إنه في ذروة سلطته في عام 2014، انتقل الرئيس التركي إلى قصر رئاسي جديد يتألف من 1100 غرفة، وكان من الصعب أن يسمع من داخل هذا القصر الذي بلغت كلفته 600 مليون دولار “صرخات يأس ناخبيه”.
ويشير التقرير إلى “أنه يمكن لزعيم قوي مثل أردوغان إسكات الأصوات التي لا يرغب في سماعها، لكنه لا يستطيع أن يتخلى عن الواقع”، فمنذ سبتمبر الماضي، ظل يحاول تحدي قوانين الاقتصاد التي لا يستطيع تغييرها برفضه رفع أسعار الفائدة وهو أمر تفعله الاقتصادات الناشئة لمحاربة التضخم، لكن تركيا سارت في الاتجاه الآخر.
فعلى الرغم من ارتفاع التضخم إلى 21 في المئة في نوفمبر، ضغط أردوغان على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة بمقدار خمس نقاط مئوية تماشيا مع اعتقاده بأن المعدلات المرتفعة تسبب التضخم بدلا من محاربته.
ونتيجة لذلك، حوَّل الأتراك المزيد من الودائع من الليرة إلى الدولار واليورو، مما أدى ذلك إلى أزمة عملة، وانخفضت الليرة من ثمانية ليرات للدولار في أغسطس إلى 18 في أواخر ديسمبر.
وفي 20 ديسمبر، أعلن عن “خطة غريبة” لجذب المودعين وهي أن أصحاب الودائع الذين لديهم ودائع بالليرة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ستعوضهم الحكومة عن أي خسائر ناجمة عن تردي العملة.
ونتيجة لهذا القرار، انتعشت الليرة لفترة وجيزة وأعلن أردوغان النصر، لكن لم يمض وقت طويل قبل أن تبدأ في الانهيار مرة أخرى.
وقالت المجلة: إنه حتى لو نجح المخطط في استقرار الليرة، فلن ينهي مشاكل تركيا، وسيستمر الزخم التضخمي الناجم عن الانخفاض السابق في قيمة العملة والائتمان الرخيص والارتفاع في الحد الأدنى للأجور.
وإذا ظلت العملة مستقرة، فإن ارتفاع تكلفة السلع التركية لن يتم تعويضه بالليرة الأرخص، وسيؤدي ذلك إلى تآكل القدرة التنافسية لتركيا، وتقويض ميزانها التجاري، وتركها تعتمد بشكل خطير على الاقتراض الخارجي لسد الفجوة بين وارداتها وصادراتها.
وإذا فشلت الخطة، “فقد تكون العواقب أسوأ”، إذ سيكون على دافعي الضرائب إنقاذ المودعين، وهو ما قد يتطلب تخفيضات “مؤلمة” والتقشف لصالح الأتراك المزدهرين نسبيا الذين لديهم مدخرات، وإذا لم تستطع الحكومة تحمل هذا الخيار، فسيتعين عليها طباعة المزيد من الأموال، وسينتهي الأمر إلى المزيد من الحط من قيمة العملة.
المصدر: الحرة