بقلم: صالح البيضاني – العرب اللندنية
الشرق اليوم- حملت الأيام الأخيرة من العام 2021 معها كثيرا من التحولات الهامة في الملف اليمني الذي يبدو أنه سيكون على موعد مع تحولات أكثر حدة في العام الجديد 2022 الذي أعتقد أنه سيكون عاما حاسما على صعيد الأزمة اليمنية.
خلال العام 2021 الذي يودعنا بعد أيام شهد الملف اليمني موجة عاتية من الاهتمام الدولي، لكن تلك الموجة اصطدمت بصخرة التعنت الحوثي وهو الأمر الذي أفرغ الجهود الأممية والدولية من مضامينها وساهم في استنفاد مبادرات السلام وتكريس القناعة لدى العالم بأن هناك طرفا وحيدا هو الحوثي ما يزال يراهن على القوة وسياسة الأمر الواقع في إنهاء الأزمة اليمنية.
القناعات الجديدة التي تشكلت لدى المجتمع الدولي وفي مقدمته الإدارة الأميركية كانت جزءا مهما في مغادرة الدائرة المفرغة التي ظلت الجهود الدولية تدور فيها لسبع سنوات مدفوعة بخدعة مفادها أن الحوثي قد يكون جزءا من عملية سلام إذا ما حصل على الضمانات التي تجعله شريكا في يمن ما بعد الحرب.
التحول في المواقف الدولية إزاء الملف اليمني ترافق مع تحولات داخلية بطيئة بعض الشيء ولكنها فاعلة، حيث تحرك قطار اتفاق الرياض الذي ظل عالقا في وحل الخلافات بين الأطراف الموقعة عليه، وكانت البداية من إزالة أكبر عقبة كانت تعترض الاتفاق والمتمثلة في تنفيذ الشق السياسي منه، والذي ينص على تعيين محافظين جدد للمحافظات الجنوبية بالتوافق مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الطرف الآخر الموقع على اتفاق الرياض، وقد بدأ بالفعل تعيين محافظ توافقي جديد لمحافظة شبوة التي يعتقد مراقبون أنها ستكون نقطة تحول هائلة على الصعيد الجيوسياسي اليمني في المرحلة المقبلة.
الملف الاقتصادي كذلك أخذ نصيبا وافرا في عجلة التحولات، حيث تم تعيين إدارة جديدة للبنك المركزي اليمني ومنح الحكومة صلاحيات أوسع في معالجة الأخطاء الاقتصادية والنقدية التي فاقمت من الوضع المعيشي المتردي، ويبدو أن الإجراءات القادمة للحكومة اليمنية في هذا الجانب ستكون مبشرة ومثمرة وخصوصا في ظل الأنباء المؤكدة عن قرب تقديم وديعة مالية جديدة من قبل الحكومة السعودية للبنك المركزي اليمني.
العام 2021 باعتقادي كان إيجابيا كذلك على صعيد الدبلوماسية اليمنية التي بدت أكثر نشاطا وتفاعلا مع الأحداث وأكثر قدرة على إيصال صوت الشرعية إلى المجتمع الدولي، الذي استنفد كل أدوات الضغط التي كان يركزها على التحالف والشرعية بعد أن اكتشف أن هذه الضغوط كانت مجرد إهدار للوقت وحفظا لماء وجه الدبلوماسية الدولية، على حد سواء، بعد أن وافقت الحكومة المعترف بها دوليا والتحالف العربي على مبادرة المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث التي لبت كل شروط الحوثي، لكن الحوثي رفضها بعد ذلك بوقاحته التي كانت مألوفة ومعهودة محليا في التنصل من الاتفاقات ولكنها باتت اليوم سمة من سماته على المستوى العالمي.
وبالتوازي مع كل تلك التطورات مجتمعة وجد التحالف العربي نفسه متحررا من الضغوط الدولية وخصوصا بعد أن صعد الحوثيون من هجماتهم على الأراضي السعودية تلبية لأجندات ومصالح إيرانية، ليعيد تفعيل خيار الحزم العسكري في مواجهة التعنت الحوثي ولكن بموافقة وتأييد دولي ضمني هذه المرة.
كل هذه التحولات اللافتة على كافة المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية والدبلوماسية التي بدأت تتبلور في أواخر العام 2021 يبدو أنها ستأخذ مداها في العام 2022 الذي نستقبله بعد أيام قليلة والذي سيكون عاما حاسما بامتياز في تحديد مستقبل اليمن والمنطقة على حد سواء، ففي هذا العام باعتقادي ستنضج خيارات الحرب والسلام بشكل نهائي بحيث يمكن قراءة طالع اليمن السياسي المرتبك والغامض.