بقلم: عامر نعيم إلياس – الوطن السورية
الشرق اليوم- يضرب رئيس حكومة الكيان الصهيوني نفتالي بينيت عرض الحائط بكل التكتيك السابق في التعامل مع الملف السوري من قبل إسرائيل، ولا يمكن البتة مطابقة الواقع السابق، أيام سلفه بنيامين نتنياهو، بالواقع القائم حالياً في الملف السوري، وبالتالي لا يمكن مطابقة رد الفعل على ما يجري اليوم بما كان قائماً في السابق.
رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة يصعد سورياً باتجاهين:
الأول، تطوير أهداف الاعتداءات الإسرائيلية على سورية لتشمل منشآت مدنية ومؤسسات تخص الدولة السورية والجيش السوري، والخروج نهائياً من عباءة عنوان «استهداف إيران وحزب الله في سورية».
الثاني، التوسع الاستيطاني في الجولان مع ما يحمله ذلك من آثار وتداعيات حول مصير هضبة الجولان السورية المحتلة وفق القوانين والقرارات الدولية، ومحاولة الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية تكريس أمر واقع جديد رداً على توسع دائرة وجود محور المقاومة في المنطقة.
مما لا شك فيه أن الاعتداءات الإسرائيلية على ميناء اللاذقية تشكل تحولاً وتطوراً خطيراً في مستوى الصراع القائم حالياً يتجاوز ما يسمى إستراتيجية «معركة بين حروب» التي كانت قائمةً خلال السنوات الماضية من الحرب على سورية والتي لم تغير في واقع ومجريات الأمور لمصلحة الدولة السورية شيئاً يذكر، بل جرى احتواؤها وتطورَ وجود الدولة السورية على جغرافيا البلاد مع توجيه ضربات نهائية للمجموعات الإرهابية المسلحة على أرض سورية، وهذا بحد ذاته كان الرد الأمثل على الاعتداءات الإسرائيلية ومحاولة الالتفاف على فرض معركة بتوقيت صهيوني بامتياز، لكن استهداف المنشآت الحيوية المدنية تصعيدٌ لا يمكن إغفاله فهو يهدف إلى:
– شطب المرفأ الأهم في سورية من دائرة الفعل التجاري والاقتصادي نهائياً، مع ما يحمله ذلك من تأثيرات مباشرة على الاقتصاد السوري، وصورة سورية الخارجة من الحرب.
– استهداف المرفأ الحيوي سيؤدي إلى عزوف المستوردين والمصدرين عن التعامل عبر هذا المرفأ وبالتالي تحويل البضائع إلى مرافئ أخرى لدول مجاورة لسورية مع ما يحمله ذلك من تعقيدات لوجيستية أولاً، وثانياً تعقيدات اقتصادية تتعلق بحجم الكلف المترتبة على عملية الالتفاف هذه، وهذا طبعاً يزيد من الضغط الاقتصادي على الدولة والشعب السوريين.
– إعادة الإعمار وإبراز عودة الحياة في سورية إلى طبيعتها، وتقدم هذا الملف عن غيره من الملفات، سيتضرر كثيراً إن لم يكن سيتوقف بشكل نهائي وكلي، وهو في خطواته الأولى اليوم، نتيجة هذا التمادي الصهيوني غير المسبوق.
– اللعب على وتر العلاقة بين حلفاء سورية، وهو ملف يعمل عليه المحور المضاد لسورية وحلفائها منذ سنوات، واليوم استهداف مرفأ اللاذقية للمرة الثانية خلال شهر، يزيد من علامات الاستفهام التي يطرحها المواطن السوري وسط ضخ إعلامي إقليمي وغربي يركز على وجود خلاف بين حلفاء سورية.
إن الاستراتيجية الأميركية في سورية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رغم كل الشكوك التي تثيرها، ومحاولة القول إنه ربما هناك ضوء أخضر أميركي لعودة العلاقات العربية مع سورية من قبل سياسيين أميركيين آخرهم المبعوث الأميركي الأسبق إلى سورية جيمس جيفري، لم تتغير وهي تشجع على استمرار الاعتداءات الصهيونية على سورية، حتى بالوتيرة الحالية، وتطويرها إلى ما هو أبعد من ذلك، فصحيفة «واشنطن بوست» كشفت الأسبوع الماضي عن «ضربة إسرائيلية استهدفت منشآت كيميائية سورية في حزيران الماضي»، حسب زعمها، وهذه حجة جديدة لتطوير الاعتداءات على سورية واستهداف مؤسسات عسكرية أو حتى مصانع مدنية بحجة وقف تطوير قدرات سورية من أسلحة الدمار الشامل، وهذه الحجة يمكن أن تنطبق اليوم على ما جرى في ميناء اللاذقية!
من شأن هذا التطور الخطير أن يثير ردود فعل وتساؤلات حول الدور الروسي في سورية ولاسيما أن العدوان اليوم يبعد كيلومترات قليلة عن قاعدة حميميم، لكن يجب هنا القول مجدداً إن وجود روسيا في سورية ليس لمحاربة إسرائيل، بل لمكافحة الإرهاب، وهذا أمرٌ يختلف عن أدبيات محور المقاومة، ويجب مراعاة مصالح كامل حلفاء سورية، والتنسيق فيما بينهم بشأن كامل الملفات المتشابكة أصلاً، لكن في ذات الوقت فإن الرد المختلف عن الردود السابقة يجب أن يكون هو الأساس في التعامل مع التحولات الخطيرة في المشهد الحالي في المنطقة وهذا الرد يقطع الطريق على تطوير الاعتداءات الصهيونية وتكرارها بوتيرة أعلى، وخاصةً أن احتمالات تصاعد التوتر واضحة، وطبول الحرب تدق بعنف من قبل تل أبيب وذلك الذي يترأس حكومتها ويحاول أن يثبت أهليته بالإمعان في استهداف سورية وحلفائها بحجة الحفاظ على خطوط الكيان الحمر.