بقلم: عضوان الأحمري – اندبندنت عربية
الشرق اليوم- أشاعت “أوميكرون” الرعب في أنحاء العالم قبل أن يطوي عام 2021 صفحاته الأخيرة، هبط النفط من بحر الثمانين دولاراً إلى السبعين، واهتزت البورصات ليومين لكنها عادت إلى التعافي. سباق مستمر لنشرات الأخبار منذ ذلك اليوم لنشر حصيلة ارتفاع إصابات كورونا، وحتى اللحظة لم يستطِع أحد هزيمة بريطانيا التي تجاوزت إصاباتها 120 ألفاً في يوم واحد.
لكن المتحورة الثانية بعد “دلتا” ليست النهاية، وليست هي المقلقة للعالم فحسب، بل الأزمة المتصاعدة بين روسيا والغرب على حدود أوكرانيا، والمصير المجهول للأفغان الذين التهمتهم الأخبار العاجلة وقذفت بهم إلى آخر الطابور بعد أن كانوا يحتلون مقدمة العناوين.
متحورات كثيرة منذ بداية العام المنصرم 2021 كانت تشد الانتباه، أعادت توجيه البوصلة إلى نشرات الأخبار، وألغت الحديث عن نهاية الإعلام.
كانت السعودية منذ بداية العام حاضرة في مشهد الأحداث، بدءاً من تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن المتكررة، وليس انتهاء بمبادرتها الخضراء التي كانت حديث العالم. واستبقت الرياض هجوماً عالمياً وموجة ابتزاز سياسي قادم لعقود عبر التلويح بالتغير المناخي، فكانت المبادرات الخضراء التي تعطي للخليج لوناً أخضر، وتكافح التصحر، وتئد الابتزاز القادم غرباً.
اختطفت العلا السعودية الأنظار، فأصبح المختلفون متصالحين، والمقاطِعون والمُقاطَع عادوا للاجتماع ووقعوا اتفاق العلا، وانتهى خلاف رباعي على مضض، لا تزال البحرين متحفظة في جوانب عدة، لكن قطار المصالحة عززته قمة الرياض الأخيرة وثبتت أركاناً، كانت جماعة الإخوان ومن يدعمها ينخرونها.
ومن العلا إلى واشنطن، مشاهد اقتحام الكونغرس من مناصري دونالد ترمب عجيبة، أثبتت للعالم ما يرفض بعض الناس تصديقه، أن أميركا دولة كباقي الدول، لها ما لها وعليها ما عليها. صعد بايدن للحكم، وكان قد هدد السعودية ومصر بإجراءات قاسية، لكنه وجد نفسه أمام واقع قوتين عربيتين تفرضان نفسيهما على المشهد والعالم، فكان منه التعامل “مضطراً” حتى استعاد ماء الوجه، ومرَّر صفقات الأسلحة مع السعودية، وتحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وانتهت حكاية التهديدات الانتخابية.
وبالعودة إلى أفغانستان، حوَّل هذا الملف “حقوق الإنسان” من ذريعة للتصريحات إلى مثار سخرية عالمية تجاه واشنطن، حين كان الأفغان يتساقطون من على طائرات الجيش الأميركي، التي حملت جنودها وتركت المساكين في مواجهة الوحوش.
هذا الحدث أزاحته أحداث أخرى، سياسية بنكهة الدم، جعلت من عودة “طالبان” أمراً اعتيادياً، فمثلاً كانت إثيوبيا تهدد السودان ومصر بنهضة السد، فقررت قبائل تيغراي الانقضاض على أديس أبابا وآبي أحمد علي، الذي وجد نفسه في موضع الدفاع بعدما تصدر الهجوم، إذ أصبح محاصراً بين جبهات داخلية جعلت من قضية “السد” قضية مؤجلة، وموضوعاً لا يمكن نقاشه قبل تأمين كرسيه.
وشرارة إثيوبيا كانت مغرية للسودانيين، فقوى الحرية والتغيير التي استنشقت هواء الثورة، ظنت أن رئتها تستطيع تنفسه لفترة أطول، قبل أن يقرر الجيش تنقية الهواء بالتعاون مع مجلس السيادة، ويزيح الثوار عن التحكم بالقرار.
وبين أفغانستان والسودان وإثيوبيا، أنهت تونس حكم الإخوان بإمضاء الرئيس قيس سعيد. لكن هذا الإمضاء امتد إلى المغرب الذي أطاح “العدالة والتنمية” عبر صناديق الاقتراع، وبذلك أنهى قرار رئاسي في تونس والصناديق في المغرب مشهد الإسلام السياسي في شمال أفريقيا.
هذا الاستعراض السريع لا يكفي لسرد كل الأحداث، لا يكفي لشرح كيف كاد اقتصاد العالم يختنق وأصيب بشلل مؤقت حين انسدت قناة السويس، ولا يكفي لشرح قصة ميانمار، ولا الصين وتايوان. هذا الاستعراض لا يكفي لشرح متحورات السياسة والاقتصاد في عام المتحورات، عام القلق المشاع والإغلاق، نسي العالم أن الصين هي مصدر كورونا، وأصبح يفكر متى تنتهي “أوميكرون”، منظمة الصحة العالمية تركت جميع أوبئة العالم واهتمت بنشر وباء القلق.
كان بان كي مون الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة يعبر عن قلقه دائماً تجاه أي أزمة، انتقلت العدوى إلى منظمة الصحة العالمية، ثم إلى العالم.
نأمل بأن يكون العام الجديد عام الانفراجات والآمال المحققة، وتنتهي المتحورات عند “أوميكرون”… كل عام وأنتم بخير.