بقلم: فاضل العماني – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – تُعدّ العولمة، واحداً من أكثر المصطلحات والمفاهيم المعقدة والملتبسة، فهي ظاهرة أممية نشأت وتطورت عبر العصور، ولكنها في عصرنا الراهن تشكلت واستخدمت بما يتناسب مع طبيعة العصر وظروف المرحلة. هناك الكثير من التعريفات والتوصيفات للعولمة، وذلك وفق توظيفها واستخدامها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، وقد اخترت أكثرها بساطة ومباشرة وهي للمفكر العربي برهان غليون، حيث يُعرفها: «العولمة تعني خضوع البشرية لتاريخية واحدة، وهذا يعني أنها تجري في مكانية ثقافية واجتماعية وسياسية موحدة، ويمكن تلخيصها في كلمتين: كثافة انتقال المعلومات وسرعة تدفقها، فأصبحنا نشعر بأننا نعيش في عالم واحد».
والعولمة كنموذج ثقافي وحضاري للحداثة، مزيج متفاوت من الإيجابيات والسلبيات، تماماً كطبيعة الأشياء والظواهر. بالنسبة لي، كتبت الكثير من المقالات عن فوائد وايجابيات العولمة، لذا فضلت في هذا المقال أن أكتب عن الجانب السلبي للعولمة، وأضع خمسة من أسوأ ما أنتجته العولمة من خدمات وسلوكيات:
الأولى: «عولمة التفاهة» التي أصبح لها جماهيرها وروادها، فبعد أن كانت التفاهة والسخافة مرفوضة ومحدودة، تحوّلت بفضل منصات وتطبيقات وشبكات العولمة منتجاً مرغوباً وثقافة جماهيرية.
الثانية: «عولمة الفوضى» التي لم تعد القوانين والضوابط قادرة على مراقبتها وملاحقتها، فهي أشبه بطوفان منفلت ومتخصص في صناعة الفوضى.
الثالثة: «عولمة التعصب» في كل تفاصيل حياتنا، سواء بقصد أو من دون قصد، فالعولمة تسببت بضخ مفردات الكراهية والعنصرية في فكر ووعي البشر، خاصة الأجيال الصغيرة والشابة.
الرابعة: «عولمة الغرائز» التي تخصصت في نشر ثقافة إشباع الرغبات والسلوكيات الغرائزية والجنسية، وذلك عبر وسائلها ووسائطها العابرة للقارات والمفتوحة على كل الخيارات.
الخامسة: «عولمة الاستهلاك» وتعطيل القدرات الإنتاجية والإمكانات الإبداعية للبشر، وتحويلهم كائنات استهلاكية، تجد متعتها وشغفها في ممارسة الاستهلاك فقط.