الشرق اليوم- تُصادف نهاية العام 2021، سنة كاملة من تحول الدبلوماسية الأمريكية، بمناسبة تغير إدارة البيت الأبيض، مع وصول الرئيس جو بايدن إلى سدة الحكم.
وقال تقرير لإذاعة “فويس أوف أمريكا” إن بايدن تولى منصبه في وقت وصلت فيه مكانة الولايات المتحدة في العالم إلى مستوى منخفض “بشكل قياسي”.
لكن التقرير يعود ليؤكد أنه بعد ستة أشهر من رئاسة بايدن، انتعشت المكانة الأمريكية العالمية إلى حد كبير.
أكد البيت الأبيض، الثلاثاء، أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أعلم نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في القمة الافتراضية التي جمعتهما أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيفرضون عقوبات اقتصادية “شديدة” و”تدابير أخرى” في حال قررت موسكو اجتياح أوكرانيا.
ونقلت “فويس أوف أمريكا” عن توماس شوارتز، مؤرخ العلاقات الخارجية الأمريكية بجامعة فاندربيلت في تينيسي: إن بايدن دخل الرئاسة بمستوى منخفض للغاية، ونجح في تعديل الكفة.
من جانبه، قال مايكل كوغلمان، المساعد البارز لجنوب آسيا في مركز ويلسون للعلماء، ومقره واشنطن العاصمة: “لقد اشتد الإرهاب، وأدى استيلاء طالبان على السلطة إلى فرض عقوبات وضعت أفغانستان في وضع تواجه فيه أزمة إنسانية حادة يمكن أن تؤدي إلى مجاعة جماعية”. ثم تابع “أعتقد أن الانسحاب الأمريكي الفوضوي المتسارع للغاية يُنظر إليه على أنه سبب لتلك النتائج”.
هل عادت أمريكا ؟
بعد سنوات من “أمريكا أولاً” في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، أرسل بايدن رسالة متعارضة تمامًا مفادها أن أمريكا عادت، عادت إلى التعددية والدبلوماسية كأدوات رئيسية للسياسة الخارجية، وعادت إلى المنظمات متعددة الأطراف، وإلى جلب المزيد من المشاركة في القضايا العالمية بما في ذلك التعافي من الجائحة وتغير المناخ.
في هذا الصدد، قالت ليزلي فينجاموري، مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين في مؤسسة “تشاتام هاوس” بلندن: “إذا كان مقياس النجاح هو المشاركة العالمية، فإن السنة الأولى للرئيس بايدن في المنصب كانت عملية إصلاحية ناجحة”.
ورداً على سؤال كانت طرحته “فويس أوف أمريكا”، سردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، العديد من الإنجازات على الصعيد الدبلوماسي.
ونقل التقرير عن ساكي قولها: إن الولايات المتحدة استعادت القيادة في بعض أكبر التحديات العالمية، بما في ذلك جائحة كورونا وتغير المناخ، مع استعادة التحالفات، وحل النزاعات التجارية مع أوروبا.
كما نوهت ساكي برفع مستوى الشراكات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من خلال الحوار الأمني الرباعي الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، وتحالف AUKUS المعروف بالشراكة الأمنية الثلاثية التي تشمل الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة.
الصين وروسيا
بخصوص الصين، بقيت المنافسة الاستراتيجية مع بكين، على حالها في 2021 والتي كانت العقيدة الرئيسية لإدارة ترامب (المنافسة)، إذ ظلت الإطار المحدد للعلاقة بين الولايات المتحدة والصين في ظل الإدارة الحالية كذلك.
وشهد 2021 لقاء بايدن بالرئيس الصيني شي جين بينغ في نوفمبر لمناقشة “الجهود الجارية للإدارة بمسؤولية”.
لكن أكبر شوكة في هذه العلاقة المضطربة بين الولايات المتحدة والصين هي قضية تايوان، وهي جزيرة ديمقراطية تتمتع بالحكم الذاتي وتعتبرها بكين مقاطعة منشقة، ما يؤشر على عدم إحراز تقدم لافت في هذا الملف.
منذ إعلان ترشحه، وحتى بعد عام على وصوله إلى البيت الأبيض، أوضح الرئيس الأمريكي بشكل لا لبس فيه إنه يركز بشكل كبير على الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع رغبته بـ”إعادة التوازن” إلى الوجود العسكري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
في غضون ذلك، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحشد عشرات الآلاف من القوات على طول الحدود الأوكرانية، يقول التقرير.
وقال بوتن مبررا ذلك، إنه يريد منع توسع حلف شمال الأطلسي “ناتو” باتجاه الشرق، وكان ذلك أيضا المحور الرئيسي لقمة بايدن – بوتين، الافتراضية في ديسمبر.
وقال ماكس بيرجمان، كبير الزملاء في مركز التقدم الأمريكي، ومقره العاصمة واشنطن: إن روسيا كانت تريد من الولايات المتحدة “الجلوس ورسم العالم كما لو كان العام 1921 وليس من 2021”.
تكشف تقارير عن نشاط محموم للصين في دول الخليج، والتي كان آخرها مساعدتها للسعودية في صناعة صواريخ باليسيتية، وقبل ذلك كانت تقوم ببناء قاعدة عسكرية لها في ميناء في الإمارات.
وتقول الإدارة الأمريكية في الصدد: إنها ستواصل إجراء محادثات رفيعة المستوى مع كل من موسكو وبكين، ليس فقط لتجنب الصراع ولكن أيضًا للتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل الوباء وتغير المناخ والقضايا الإقليمية مثل إيران.
وحتى الآن، لم تؤد استراتيجية بايدن ذات المسارين المتمثلة في الردع والمشاركة الدبلوماسية إلى نكسات خطيرة أو عواقب سلبية، كما قالت ليزلي فينغاموري من تشاتام هاوس.
كوريا الشمالية والشرق الأوسط
لكن ثمة مشاكل أخرى لم يتم حلها، وفق تقرير “فويس أوف أمريكا” مثل كوريا الشمالية، حيث يبدو أن الإدارة ليست في عجلة من أمرها للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق ما لم يلتزم كيم جونغ أون بإنهاء برنامج أسلحته النووية والشرق الأوسط.
وبعد أكثر من عام على “اتفاقات إبراهيم” التي أدت إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وأربعة دول عربية، أعادت الإدارة العلاقات مع الفلسطينيين التي قطعت في عهد ترامب لكنها لم تحرز تقدمًا يُذكر في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
ولم يتطرق التقرير إلى العلاقات مع إيران، التي تظل مرهونة بالمحادثات الجارية في فيينا، قصد إعادتها للالتزام بمقررات الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أنه أشار إلى تحدّي إيران المستمر وتحركها نحو امتلاك سلاح نووي.
المصدر: الحرة