الشرق اليوم- على وقع الوضع الإنساني الأفغاني المفجع، والتقارير الدولية الصادمة حول جحيم الفقر والجوع الذي يعيشه الشعب الأفغاني، والتحذير من كارثة إنسانية باتت وشيكة هناك، التقت دول منظمة التعاون الإسلامي ال57 في اجتماع استثنائي في باكستان لبحث ما يمكن تقديمه للشعب الأفغاني الذي خرج من أتون 20 عاماً من الحرب في منتصف أغسطس/آب الماضي، ودخل في محنة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها “كارثة على المستويات كافة”.
وإذا كان المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الكبرى والغنية تستنكف حتى الآن عن تقديم الدعم اللازم لأفغانستان، تمكيناً لها للخروج من محنتها لدواع سياسية جراء سيطرة حركة طالبان على السلطة، ووضع شروط لهذا الدعم، فإن الشعب الأفغاني هو وحده من يدفع الثمن، ولا ناقة له ولا جمل في كل التطورات والأحداث المأساوية التي نجمت عن ممارسات أدت إلى الغزو السوفييتي، ثم الغزو الأمريكي، وما أدى إليه ذلك من فشل استراتيجيات وهدر أموال بالمليارات وهزائم عسكرية.
بهذا المعنى لا يجوز إنسانياً الانتقام من شعب بكامله، ثمناً لفشل سياسي وعسكري، وتحميله مسؤولية كل ذلك.
حسناً تفعل الدول الإسلامية، بأن تستعيد المبادرة وتلقي بثقلها لإنقاذ الشعب الأفغاني بمعزل عن الرابط الديني، وإنما من منطلق إنساني يستوجب وقفة تتجاوز المعايير الدينية والإثنية، وتطلق الصوت عالياً بتجاوز المواقف السياسية المسبقة وإخراج أفغانستان من عزلة دولية تكاد تخنق أنفاسها، ذلك أن الاكتفاء بالتفرج سيؤدي إلى كارثة إنسانية حقيقية، وإلى فوضى وأعمال عنف وموجات هجرة واسعة تتجاوز حدود أفغانستان.
المنظمات الإنسانية الدولية تتوقع أن يواجه أكثر من نصف السكان (22.8 مليون شخص) انعدام الأمن الغذائي. ويدعو شو دينو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية “إلى سرعة التصرف” قبل أن يتسبب فصل الشتاء في عزل جزء كبير من البلاد، حيث يعاني ملايين الأشخاص الجوع خلال الشتاء القارس. وأضاف: “إنها مسألة حياة أو موت.. لا يمكننا أن ننتظر ونرى الكوارث الإنسانية تتكشف أمامنا. هذا غير معقول”.
المدير التنفيذي للمنظمة ديفيد بيزلي دق أيضاً جرس الإنذار قائلاً: “نحن في عد تنازلي باتجاه الكارثة.. إن أفغانستان تواجه أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم”.
ولأنه لا يمكن إطعام الجياع بالوعود، فلا بد من تدخل إنساني عاجل، وتوفير ما لا يقل عن 667 مليون دولار بشكل فوري لتقديم مساعدات غذائية ل23 مليون شخص خلال فصل الشتاء، إضافة إلى 200 مليون دولار للموسم الزراعي حتى عام 2022، حسب برنامج الأغذية الدولي.
هذا المبلغ أو ضعفه لا يساوي شيئاً بالنسبة للدول الغنية التي تنفق المليارات على التسلح والحروب. ولو أنها تقلص ما نسبته واحد في المئة من موازناتها العسكرية، وتخصصه لمكافحة الجوع والفقر لكان العالم تجاوز الكثير من مآسيه.
لعل المؤتمر الإسلامي يضع أصبعه على الجرح الأفغاني ويسهم في تضميده.
المصدر: صحيفة الخليج