بقلم: د. أثير ناظم الجاسور – المدى العراقية
الشرق اليوم- لم يعد ذكر تاريخ التغيير في العراق عام 2003 على يد الاحتلال الأمريكي وحلفائه يشكل نقطة فارقة أو ذات جدوى سواء الأسباب التي أوجبت قيام الولايات المتحدة بتوجيه الضربة العسكرية للعراق واحتلاله، أو الأدوات التي تم توظيفها من قبل صانع القرار السياسي والإجراءات والممارسات التي تم اتباعها بقدر ما الت اليه أوضاع العراق من جراء هذه الحرب، فالعراق تعرض لجملة من القرارات التي ساعدت على ان يكون مناخ للصراع والتنافس سواء تلك التي ساعدت على ان تكون الأحزاب القادمة مع الاحتلال حاكمة للعراق او المناخ الذي خلقته في ان تصبح الساحة العراقية ساحة صراع دائم سواء من قبل الدول الإقليمية او الصراعات الداخلية التي تغذيها الاجندات الإقليمية والدولية، بات التنافس في العراق مبني على أساس المصلحة المتوحشة لكل الأطراف الفاعلة والعاملة على الساحة العراقية سواء تلك التي لعبت على العامل الديني – الطائفي لتحقيق مصالحها او تلك التي ارادت ان تجعل من العراق مصدر تمويل لاقتصادها.
بالمجمل فان العراق الغارق في فوضى الصراعات الداخلية والخارجية لم يعد قراره السياسي ايضاً الخارجي والداخلي قراراً وطنياً، وهذا يعكس حجم عدم الاستقرار في رسم الخارطة السياسية العراقية سواء منذ بداية العملية السياسية الوليدة من قبل الولايات المتحدة او رسمها من قبل الأحزاب الحاكمة التي بُنيت سياستها على أساس المحاور والتخندقات، بالتالي سيطرت التوجهات الخارجية والمصالح العابرة للحدود على القرار السياسي والاقتصادي والاسهام ايضاً في شق الصف الاجتماعي وتصدعه في مراحل مختلفة وقريبة، وكل مهتم بالشأن العراقي يجد ان العراق يسير نحو مناطق ضبابية بالإضافة إلى انه في الكثير من القضايا يقف في المنطقة الرمادية بعد ان فقد قدرته على إدارة شؤونه الداخلية وتوظيف الدبلوماسية في حل قضاياه الأساسية المصيرية كقضايا المياه على سبيل المثال سواء مع ايران او تركيا، كذلك في قضايا الحدود ومكافحة الإرهاب العابر من دول الجوار، بالإضافة للقضايا الداخلية أهمها قضية الكهرباء وتحسين الخدمات التي تتعرض لضغوطات خارجية بسبب ضعف اتخاذ القرار.
مجموعة كبيرة من القضايا التي تتطلب اتخاذ قرار وتتطلب جرأة في السير نحو خطوات تحسب بالدرجة الأساس المصلحة العراقية على باقي المصالح، كل هذه الفوضى ضحيتها المواطن العراقي الذي اصبح رهين القرار السياسي المبني على توافقات حزبية لا تزال تلعب ضمن الوقت الضائع في كل مناسبة ومرحلة، وهذا ناتج عن عدم قدرة الطبقة الحزبية على فهم لعبة السياسة وادواتها بعد ان فضلت الأخيرة ان تكون قدراتهم بمجملها مسلطة على المكاسب والتقسيم والتوزيع، لم تستطع هذه الطبقة ان تزرع الثقة بداخل المواطن العراقي بعد ان امتلأ بالخيبات والانكسارات الناتجة من ضعف المنظومة الحاكمة التي لم تستفد من التجارب السابقة والحالية في العالم، بالمحصلة فالمواطن قد يمتلك جزء من الحقيقة الواردة امامه من ان القرار السياسي العراقي هو قرار صادر من خارج الحدود وكل القضايا الخطيرة التي تتطلب وقفه حقيقة من قبل الطبقة الحزبية هي ناتجة عن تقارب او تقاطع مصالح إقليمية او دولية.