افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – في مواجهة الجهود الأمريكية المتواصلة لمحاصرة كل من الصين وروسيا عسكرياً واقتصادياً باعتبارهما «عدوين مفترضين»، ويشكلان تهديداً للمصالح الأمريكية في العالم، وتقوم من أجل ذلك بحشد عسكري وآخر سياسي للحلفاء في كل من أوروبا ومنطقة المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا، فإن القمة الافتراضية التي عقدت يوم الأربعاء الماضي بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين كانت ضرورية للبلدين من أجل تنسيق مواقفهما في مواجهة الخطر المشترك.
يمكن القول أن ما خلصت إليه القمة من نتائج على ضوء ما تم إعلانه في كل من بكين وموسكو، أن بوتين وشي عزّزا من تحالف بلديهما في شراكة يعتبرانها مصيرية، باعتبار أن أمنهما بات مشتركاً في مواجهة الخطط الأمريكية التي يعتبرها البنتاجون «رادعة» لكليهما في أوروبا والمحيط الهندي، حيث قامت وزارة الدفاع الأمريكية أواخر الشهر الماضي بمراجعة للموقف الدولي، اتخذت فيها العديد من القرارات بما يتواءم مع «الوضع العسكري الأمريكي وموارده» في مواجهة الصين باعتبارها تمثل «تحدياً سريعاً»، و«تعزيز قدرة الردع القتالية ذات المصداقية ضد العدوان الروسي في أوروبا، وتمكين قوات الناتو من العمل بشكل أكثر فاعلية».
من هذا المنطلق يمكن القول أن ما تم إنجازه في هذه القمة يمثل «شراكة الظهر للظهر» وفق المصادر الروسية، وأن الضرورة حتمت الاتفاق بين الزعيمين على أنهما يواجهان عدواً مشتركاً، وهو ما أشار إليه الزعيم الصيني بدعوة البلدين لبذل المزيد من الجهود المشتركة للحفاظ على المصالح الأمنية لبعضهما، وقوله بأن هناك «قوى عالمية تتدخل حالياً في الشؤون الداخلية للصين وروسيا بذريعة الديمقراطية وتدهس بوحشية على القانون الدولي والأعراف الدولية المسلم بها».
التنسيق بين البلدين بلغ «مستوى غير مسبوق» حسب الرئيسين، وهذا مؤشر على أنهما وصلا إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي بصرف النظر عن المستوى الذي بلغه حتى الآن، لكن المناورات العسكرية المشتركة التي تجرى بين البلدين على مختلف صنوف الأسلحة تؤكد أنهما يتعاملان مع الخطر بجدية، ومن منطلق أمنهما المشترك، وهذا ما أكداه في «الرغبة في جعل الحدود المشتركة حزاماً للسلام»، وهذا ما أشار إليه الرئيس الصيني أيضاً من«دعمه الكامل» لمبادرة روسيا بمطالبة حلف الناتو تقديم ضمانات أمنية لها بعدم التوسع شرقاً، حيث اتفقا على التواصل المستمر، وأن تقوم موسكو بإطلاع بكين على سير المفاوضات مع الأمريكيين والناتو في هذا الخصوص.
كما أعرب البلدان عن قلقهما إزاء الأنشطة الأمريكية الخاصة بتغيير الوضع القائم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخصوصاً إقامة أحلاف جديدة من قبيل «أوكوس» و«كواد» لأنهما «يسهمان في ارتفاع مستوى التوتر ويقوضان أسس نظام منع الانتشار النووي».
باختصار، كانت قمة شي وبوتين رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن مصيرهما واحد، ومحاولة دق إسفين بينهما لن تنفع.