بقلم: رامي الخليفة العلي – عكاظ السعودية
الشرق اليوم- بحسب مقررات جنيف والمؤتمرات اللاحقة وآخرها مؤتمر باريس، فمن المقرر أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر الجاري، هذه الانتخابات استثنائية في أهميتها لأنها جزء من خارطة الطريق التي يفترض أنها سوف تخرج ليبيا من الحرب الأهلية وتعيد توحيد ليبيا أرضاً ومؤسسات، وتحمل الاستقرار لهذا البلد الجريح بحيث تبعده عن التجاذبات الإقليمية والدولية والتي جعلت البلاد تدور في حلقة مفرغة طوال العقد الماضي.
وبالرغم من تصريحات القائم بأعمال رئيس حكومة الوحدة الوطنية رمضان أبو جناح التي أشار فيها إلى جاهزية الحكومة من الناحية اللوجستية والفنية لإجراء الانتخابات العتيدة، إلا أن الضبابية تسود العاصمة الليبية حول إذا ما كان التاريخ المتفق عليه سوف تكون فيه الأرض مهيأة لمثل تلك الانتخابات، حتى من الناحية اللوجستية هناك تشكيك في ظل أن توحيد الأجهزة الأمنية يعاني من صعوبات كبيرة وهناك سيولة أمنية في أكثر من منطقة، كما أن الأساس القانوني ما يزال يشهد خلافات كبيرة وتفسيرات متباينة، ولكن الأهم أن اللجنة العليا للانتخابات لم تصدر حتى كتابة هذه السطور قائمة بأسماء المرشحين، لأن هناك خلافات وانقسامات حادة حول أسماء بعينها، فعلى سبيل المثال هناك رفض متزايد لترشيح السيد عبد الحميد دبيبة وهو رئيس حكومة الوحدة الوطنية، لأن هذا الترشيح يتعارض مع تعهدات الرجل بأنه لن يشارك في الانتخابات الرئاسية عندما تولى منصب رئيس الحكومة، لذلك هناك خشية أن يكون قد استغل المنصب للترويج لشخصه.
كما يمتد الجدل لترشيح الجنرال خليفة حفتر؛ لأن هناك ميليشيات في غرب ليبيا ترفض ترشيحه باعتبار الصراع العسكري الذي دار بين الجيش الوطني وتلك الميليشيات خلال السنوات القليلة الماضية، وبالطبع الجدل يزداد حدة حول شخصية سيف الإسلام القذافي بما يمثله إرث والده العقيد الراحل معمر القذافي والأهم أن الرجل مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، مما سوف يدخل ليبيا في حال فوزه في علاقات معقدة مع المجتمع الدولي. تأخر اللجنة العليا في إعلان أسماء المرشحين يشير بشكل واضح إلى أن هذه القائمة بحاجة إلى توافق داخلي ودولي وإقليمي وهذا غير متوفر في الوقت الراهن، وعلى فرض إعلان قائمة المرشحين فإن الوقت ضيق جدا للقيام بحملات انتخابية.
بالرغم من التصريحات المتوالية سواء من الأمم المتحدة أو العواصم الغربية بأن الانتخابات يجب أن تجرى في موعدها إلا أن احتمال التأجيل أكبر بكثير من الاحتمالات الأخرى، وإذا ما تم ذلك فإن ليبيا ستشهد فراغا في السلطة بعد 24 ديسمبر، لذلك سارعت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليمز إلى زيارة طرابلس الغرب ولقاء الفاعلين السياسيين للاتفاق على موعد جديد والأمم المتحدة لا تريده بعيدا، وكذلك للاتفاق حول التكييف القانوني والسياسي للفترة ما بين 24 ديسمبر والموعد الجديد للانتخابات.
إذا كانت الانتخابات ستجرى في موعدها أو في موعد لاحق السؤال الأهم هل هذه الانتخابات كفيلة بإخراج ليبيا مما هي فيه؟ إجابة هذا السؤال تلفها الكثير من الشكوك والضبابية.