الرئيسية / مقالات رأي / فرنسا موحدة!

فرنسا موحدة!

بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – حقق مؤيدو البقاء ضمن الدولة الفرنسية انتصاراً مهماً في الاستفتاء الأخير لسكان كاليدونيا الجديدة، وهو الاستفتاء الثالث للاختيار بين استمرار اندماج المنطقة أو انفصالها وإعلانها دولة مستقلة. وقد سارع الرئيس ايمانويل ماكرون إلى الترحيب بنتائج الاستفتاء، وعبّر عن امتنانه لدعم خيار «المصير المشترك الذي يجب حمايته واستمراره»، داعياً الأحزاب المطالبة بالاستقلال إلى الاعتراف بهذه النتائج «بتواضع وكرامة». وبشّر ماكرون ببداية فترة انتقالية خالية من الخيار الثنائي، وقال «إن فرنسا أجمل مع إبقاء جزر المحيط جزءاً منها».
واحتفلت رئيسة منطقة الجنوب صونيا باكيس المؤيدة للاندماج برؤية «انكسار الأحلام الحزينة بتحقيق الاستقلال». وقالت إن الكالدونيين قرروا بروحهم وضميرهم البقاء فرنسيين ودعت الانفصاليين إلى بناء مشروع جديد.
ولكن هل تعني نتائج الاستفتاء الثالث تكريساً نهائياً لاندماج الأرخبيل في فرنسا ونهاية التيارات الداعية للاستقلال واستقرار الأمور على هذا النحو؟
توضح النتائج النهائية، أن رافضي الاستقلال ومؤيدي البقاء ضمن الدولة الفرنسية فازوا بأغلبية ساحقة بلغت 96,49 في المئة من الأصوات، بينما لم يحصل المؤيدون لخيار الانفصال سوى على 3,51 في المئة من الأصوات، وبلغت نسبة البطاقات البيضاء واللاغية 2,99 في المئة.
وفي الواقع، هذه النتائج تفتح الباب أمام استنتاجات مغايرة. خصوصاً لدى مقارنتها بالنسب المسجلة في استفتائي 2018 و2020. وأيضا بنسب الإقبال على التصويت وبموقف التيارات الاستقلالية من الاستفتاء الجديد. ففي استفتاءَي الرابع من أكتوبر 2020 والرابع من نوفمبر 2018، حقق مؤيدو البقاء مع فرنسا نجاحاً بنسبة 56,7 في المئة و53,3 في المئة على التوالي. وهو انتصار بفارق ضئيل ولا يقارن بنسبة الـ96 ونصف في المئة التي حصلوا عليها في الاستفتاء الأخير. وهو ما يجعل هذه النتيجة في أفضل الأحوال محل نظر.
وفرنسا كدولة لا تخشى التفكك في حال استقلال كاليدونيا، فالأرخبيل هو كيان تابع ولا يرتبط معها جغرافيا فهو يقع في المحيط الهادي وسيطرت عليه فرنسا في عهد الإمبراطور نابليون الثالث في عام 1853. لكنها قد تمنى بخسائر كبيرة وصدمات معنوية في حال فاز مؤيدو الانفصال، فالأرخبيل يمتلك منطقة اقتصادية تمتد على مساحة حوالى 1,5 مليون كيلومتر مربع، وثروات معدنية هائلة خصوصاً النيكل والكوبالت. وبالتالي فإن التخلي عن منطقة بهذه الأهمية الحيوية ليس أمراً سهلاً.
ويضاف إلى هذه الصعوبة، التركيبة السكانية للأرخبيل والمكونة من خليط من السكان الأصليين من شعب الكاناك والكالدوش هم أحفاد المستوطنين البيض.
وقاطع مؤيدو الانفصال الاستفتاء الجديد لأنه لا يمكن تنظيم «حملة عادلة»، وانعكست هذه المقاطعة في النسب المتدنية للتصويت. كما أعلنوا أنهم لن يعترفوا بالنتائج التي سيسفر عنها الاقتراع وسيطعنون فيه أمام المحاكم الدولية. وساند اليسار الفرنسي موقف الانفصاليين، واعتبر أن نتيجة «الاستفتاء غير شرعية» بسبب نسبة الامتناع المرتفعة. وكان مقرراً أن يكون الاستفتاء بشأن دستور دولة جديدة في حال فاز مؤيدو الاستقلال، أو إذا حدث العكس بمنح المنطقة وضعاً دستورياً جديداً في إطار الدولة الفرنسية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …