الشرق اليوم- مع وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى أندونيسيا أمس، في إطار جولة تشمل ماليزيا وتايلاند تكون الولايات المتحدة قد فتحت صفحة جديدة من الصراع مع الصين، في محاولة لحشد الحلفاء في جنوب شرق آسيا، بعدما تحولت المنطقة إلى مسرح رئيسي للتنافس بين أكبر اقتصادين عالميين.
وإذ تفتح واشنطن عينيها على المنطقة من ناحية أهميتها الجيوسياسية، فلأنها تدرك أن الصين استطاعت خلال السنوات الماضية كسب مواقع أقدام ثابتة لها في معظم دول المنطقة، ولها استثمارات ومشاريع بمليارات الدولارات هناك، إضافة إلى علاقات واسعة تشمل مختلف مجالات التعاون، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية تتقدم متأخرة، خصوصاً أن هذه الإدارة تسعى إلى إعادة التواصل مع منطقة جرى التشكيك في التزام الولايات المتحدة تجاهها، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وسيكون بلينكن ثالث وأكبر مسؤول أمريكي يزور المنطقة خلال شهرين، إذ زارها الأسبوع الماضي دانييل كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية، كما زارتها في منتصف الشهر الماضي وزيرة التجارة جينا رايمندو، لتعزيز العلاقات التجارية والسياسية.
وكان بلينكن أبلغ وزراء خارجية دول جنوب شرق آسيا خلال اجتماعه بهم، على هامش اجتماعات الجمعية العامة في سبتمبر/أيلول الماضي، أن بلاده “ستعلن عن استراتيجية جديدة لمنطقة المحيط الهادئ والهندي الأوسع، والتي من شأنها أن تعزز رؤيتنا المشتركة لمنطقة حرة ومفتوحة ومترابطة وتتسم بالمرونة وآمنة”.
لكن هذه الاستراتيجية لم تعلن حتى الآن، رغم مضي حوالى ثلاثة أشهر على الحديث عنها، وربما لا تزال قيد الدراسة لدى الإدارة الأمريكية، أو أن بلينكن قد يعلن عن خطوطها العريضة خلال جولته الحالية. وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى قبيل الجولة، إن بلينكن سيسعى إلى تحقيق هدف بايدن تعزيز التعاون مع الدول العشر الأعضاء في رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان)، وبحث وجهة نظر الرئيس بشأن أطار عمل اقتصادي في المنطقة، من دون أن يوضح تصور بايدن لإطار العمل الاقتصادي.
تعترف الولايات المتحدة أنها تخوض غمار صراع شرس ضد الصين، ليس في هذه المنطقة فحسب، إنما على مستوى العالم، وهو صراع ترى الولايات المتحدة أنه يتعلق بمستقبل هيمنتها على النظام العالمي، ذلك أن صعود القوة الاقتصادية والعسكرية الصينية لم يعد مجرد وهم أو خيال، بل هو فعل يومي لا بدّ من مواجهته للحؤول دون المزيد من الانحدار.
وإذا كانت القمة الافتراضية التي عقدت في منتصف الشهر الماضي بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والصيني شي جي بينج قد نجحت في الاتفاق على “عدم تحول المنافسة إلى صراع”، كما أعلن في كل من واشنطن وبكين، إلا أن ذلك لا يعني أن الجانبين تخليا عن فكرة الصراع المنضبط، وإبقاء عمليات الحشد الدبلوماسي والاقتصادي والأمني قائمة في مختلف ساحات الصراع.