بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – صرح الرئيس التونسي، قيس سعيد، يوم الخميس الماضي، أثناء اجتماعه مع ثلاثة أساتذة قانون دستوري في قصر الرئاسة بقرطاج، بأن «المشكلة في تونس نتيجة دستور 2014، الذي ثبت أنه لم يعد صالحًا، ولا يمكن العمل به لأنه لا مشروعية له». وأكد أن «الطريق صار واضحًا، وهو العودة إلى الشعب بطريقة جديدة ومختلفة تمامًا، ولابد من حل قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته».
والمؤكد أن بعض ما قاله قيس سعيد صحيح، وهو أن جانبًا رئيسيًا من مشاكل تونس يعود إلى دستور 2014 وأنه لم يعد صالحًا، ولكن لا يمكن أن يكون الدستور الذي صوّتت عليه أغلبية الشعب التونسي «لا مشروعية له»، كما لا يمكن أن يكون البديل لجانًا شعبية أو كلامًا فضفاضًا بالحديث عن بديهية «إرادة الشعب وسيادته».
إن مرور 5 أشهر على قرارات الرئيس سعيد الاستثنائية دون تقديم بديل سياسي ودستوري واضح إلا تشكيل حكومة جديدة سيفتح الباب أمام تعثر التجربة وفقدان جانب كبير من داعميه، الذين مازالوا يشكلون غالبية الشعب التونسي.
والحقيقة أن أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة التونسية هو دستورها، الذي مازالت تتمسك به حركة النهضة، ويوزع صلاحيات السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، في تَنازُع واضح للسلطات، وهو ما خلق نظامًا عاجزًا عن الحركة والفعل، وأصاب المنظومة السياسية بالشلل.
واللافت أن «النهضة»، التي تتمسك بدستور 2014 المختلط، دعمت التغيرات التي أجراها أردوغان على النظام السياسي التركي بتحويله من نظام مختلط إلى نظام رئاسي كامل.
إن الدستور التونسي لا يعطى لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان، وهو أمر جيد، ولكنه لا يعطي الشعب الحق في أن يسحب الثقة من البرلمان، وهي كارثة، ولنا أن نتصور أنه لو كان الدستور التونسي قد نص على أن من حق الرئيس أن يدعو الشعب إلى الاستفتاء على سحب الثقة من البرلمان لكانت النتيجة بأغلبية كبيرة مع سحب الثقة، ولم يكن «سعيد» في حاجة إلى قرار استثنائي بتجميد البرلمان.
كما أنه من اللافت أيضًا أن الصلاحيات التي أُعطيت لرئيس الجمهورية أقل بكثير من صلاحيات رئيس الوزراء، رغم انتخابه مباشرة من الشعب، في حين أن النظم السياسية الحديثة استقرت على أن انتخاب رئيس من الشعب وليس من البرلمان يعني أننا أمام نظام رئاسي.
وقد يكون أحد مخارج الأزمة التونسية ما طرحه الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (رمانة الميزان)، نور الدين الطبوبي، حول «الخيار الثالث»، ويقوم على دعم خيارات الرئيس أو ما وصفه بالمسار التصحيحي، ولكنه يطرح خيارًا من داخل المنظومة السياسية الحديثة، أي تعديل بعض نصوص الدستور الحالي والاتجاه نحو نظام رئاسي ديمقراطي وتعديل قانون الانتخابات البرلمانية.
سيظل دور الاتحاد التونسي للشغل حاسمًا في نجاح التجربة التونسية.