الرئيسية / دراسات وتقارير / Mediapart: “البوسنة والهرسك” ومخاوف من حرب جديدة

Mediapart: “البوسنة والهرسك” ومخاوف من حرب جديدة

بقلم: جان أرنو ديرينز ولوران جيسلين وسيمون ريكو

الشرق اليوم- منذ الصيف والقلق يتصاعد في البوسنة والهرسك، ذلك البلد الذي يعاني من أزمة دائمة منذ عودة السلام إليه في نهاية عام 1995، وذلك بعد أن بدأ الكيان الصربي “انفصالا غير مصرح به”، جعل العديد من السكان يخشون وقوع الأسوأ ويستعدون لمغادرة البلاد.

وقال موقع ميديابارت (Mediapart) الفرنسي إن بعض الناس بدؤوا يخزنون الطعام وآخرون يسحبون ودائعهم من البنوك، وظهرت عبارات “أنا مع السلام” من جديد على الجدران كما في خريف عام 1991، قبيل الحرب الأهلية اليوغوسلافية، وهكذا تبدو العاصمة البوسنية سراييفو، التي تعرضت لأطول حصار في التاريخ الحديث، تستعد لاحتمال نشوب حرب أخرى.

وفي تقرير مشترك، أوضح الموقع أن كلاما مثل “قبل 30 عاما لم نكن نريد أن نصدق أن الحرب ستحدث هنا، أما هذه المرة فمن الأفضل توقعها”، بدأ يتكرر كثيرا، مع أن التهديد بالحرب هو الفزاعة التي تثيرها الأحزاب العرقية القومية التي هيمنت على البلاد منذ توقيع اتفاقيات السلام في ديسمبر 1995، وإن كان هذه المرة يبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى.

ورأى التقرير أن دافع التوتر الجديد هو القانون الذي يحظر تبرير وتمجيد جرائم الحرب ومجرمي الحرب المدانين، الذي فرضه في نهاية يوليو الممثل السامي فالنتين إنزكو عشية مغادرته، لما أثاره هذا النص من ضجة في جمهورية صربسكا، ممثل الكيان الصربي في هذا البلد المنقسم الذي لا تزال السلطات فيه تنفي ارتكاب إبادة جماعية في سريبرينيتسا رغم الأحكام التي أصدرتها العدالة الدولية.

وردا على ذلك، قاطع جميع الوزراء والمسؤولين الصرب -كمل يصف التقرير- عمل المؤسسات المركزية، ولم يحضروا أي جلسة للحكومة الفدرالية سوى تلك التي تتعلق باعتماد تمويل مؤقت للهيئات السياسية والإدارية في البلاد، لأنها تتعلق بضمان أجورهم الخاصة، وقد انسحبت جمهورية صربسكا، منذ بداية العام الدراسي من القوات المسلحة المشتركة ووكالة الأمن القومي ووكالة الصحة ووكالة الأدوية، وكأن الكيان الصربي قد شرع في “انفصال زاحف” حقيقي، خاصة مع إعلان ميلوراد دوديتش أن جمهورية صربسكا تعتزم الحصول على جيشها وسلطاتها الضريبية ونظامها القضائي “في غضون 6 أشهر”.

ويقول العضو الصربي في الرئاسة الثلاثية إنهم يريدون “استعادة الصلاحيات المنقولة من جمهورية صربسكا إلى المؤسسات المركزية للبوسنة والهرسك”، مدعيا أن تلك إجراءات تحترم الإطار الدستوري الذي تم وضعه خلال اتفاقيات دايتون، مع أن الأمر ليس كذلك، حسب التقرير.

وقد وعد ميلوراد دوديتش بأن تتخذ جمهورية صربسكا إجراءات “لتعليق” 140 قانونا صادرا عن مكتب الممثل الدولي السامي، مما يعني تفكيك كل ما تم القيام به على مدار 25 عاما، وهو في ذلك يعتمد على دعم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي في البوسنة والهرسك، الذي يدعو من جانبه إلى إصلاح قانون الانتخابات قبل 2022، من أجل تعزيز الطابع “العرقي” للتصويت في الاتحاد الكرواتي البوسني.

إضافة إلى ذلك، يعتمد ميلوراد دوديتش -حسب التقرير- على دعم بعض “الأصدقاء” المحافظين المتطرفين في أوروبا، مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، خاصة أن “ورقة غير رسمية” نسبت إلى رئيس الحكومة السلوفينية الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي حتى 31 ديسمبر، تسببت بقلق كبير في البوسنة والهرسك، لأنها تسعى لتعديل حدود البلقان على أساس “إثني”، قد يمكن من تقسيم البوسنة والهرسك بين كرواتيا وصربيا، تاركين للمسلمين منطقة صغيرة حول سراييفو وزينيكا وتوزلا، وهي رغبة مشتركة بين القوميين الكروات والصرب.

وفي تقريره السنوي الذي أرسله إلى الأمم المتحدة في نهاية أكتوبر، يخشى الممثل الدولي الجديد في البوسنة والهرسك كريستيان شميدت، من أن “البلاد تواجه خطرا حقيقيا بالانفجار”، موضحا أن “احتمالات تعميق الانقسامات والصراع مؤكدة للغاية”، ولذلك مددت الأمم المتحدة تفويض البعثة الأممية لضمان السلام والاستقرار في البوسنة والهرسك.

أما ميلوراد دوديتش فينفي بقوة “وجود خطر نشوب حرب”، ولكنه في الوقت نفسه يقول إن 7 دول على الأقل في الاتحاد الأوروبي ستؤيد “تفكيك” البوسنة والهرسك، وإن “الأصدقاء” وعدوه بتقديم المساعدة لجمهورية صربسكا في حال “التدخل العسكري الغربي”، ولذلك تقول المحللة السياسية ياسمين موغانوفيتش على تويتر “إنه انفصال غير منطوق، وميلوراد دوديتش يختبر الوضع، لأن انفصال جمهورية صربسكا إعلان حرب”.

وخلص التقرير إلى أن البوسنيين الذين يأملون جميعا في عدم عودة بلادهم مرة أخرى إلى الحرب، مذعورون من الأزمة الحالية، مما يهدد بمزيد من الهجرة الجماعية، خاصة بالنسبة للشباب الذي يتطلع إلى حياة “طبيعية” بعيدا عن “بلد فرانكشتاين” هذا، أما المفارقة في هذا الشأن، فهي أن هذ النزوح الجماعي ربما يكون هو أفضل فرصة لتجنب الحرب، لأنه لا معنى لحرب في بلد فرغ من سكانه.

ترجمة: الجزيرة

شاهد أيضاً

بايدن قد يشعل حربا عالمية إذا خسرت هاريس الانتخابات

الشرق اليوم– توقع المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات أن يطلق الرئيس الأميركي جو بايدن العنان لصراع …