الشرق اليوم– لا تزال المفاوضات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن إعادة الالتزام بالاتفاق النووي متعثرة على الرغم من بدئها في أبريل.
وفي غضون ذلك، طلب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من فريقه مباشرة “التحضيرات” حال إخفاق المحاولات الدبلوماسية لتقييد البرنامج الإيراني، وفق ما كشفت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، أمس الخميس.
وتهدف واشنطن بالعودة للمفاوضات لمنع إيران من امتلاك سلاحا نوويا. لكن طهران تنفي ذلك وتصر على أن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط.
وشرحت صحيفة ” The Wall Street Journal” كل ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني فيما يلي:
ما هو الاتفاق النووي الإيراني؟
بعد عامين من المفاوضات الشاقة، وقعت الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى هي المملكة المتحدة، فرنسا، روسيا، الصين، وألمانيا اتفاقا مع إيران يعرف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” وذلك في العام 2015.
وتنص خطة العمل الشاملة المشتركة على تدمير أو إرسال 98 بالمئة من مخزون اليورانيوم الإيراني إلى الخارج، بالإضافة إلى إزالة ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لها إنتاج الوقود النووي.
علاوة على ذلك، يتوقف العمل في مفاعل الماء الثقيل الذي ينتج البلوتونيوم، وهو معدن ثقيل يستخدم لإنتاج قنابل نووية، إضافة إلى السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء لا تتجاوز 3.67 بالمئة.
ووافقت إيران عل كل شروط الاتفاقية التي مقابل رفع جزء كبير من العقوبات الدولية عنها، خاصة على مبيعات النفط وصناعة الشحن وجزء كبير من القطاع المصرفي.
وسمح الاتفاق لإيران باستخدام ما يصل إلى 100 مليار دولار من أموالها المجمدة في الخارج بسبب العقوبات الأميركية وهي أموال كانت قد جنتها من بيع النفط.
طبقا لـ ” The Wall Street Journal”، فإن إدارة أوباما شيدت سرًا جسرا جويا لإعادة 400 مليون دولار نقدا إلى إيران تزامنا مع إطلاق طهران لسراح أربعة أمريكيين محتجزين لديها.
استمرت عقوبات الطاقة والبنوك الأمريكية لكنها لم تعد تؤثر على دول أخرى. كما استمر العمل بالعقوبات المفروضة على حقوق الإنسان والصواريخ الباليستية والإرهاب.
وبدأ سريان الاتفاق في يناير 2016 وصممت قيوده لتستمر 25 عاما. ومع ذلك، سُمح لإيران بموجب الاتفاق بإنتاج كميات غير محدودة من اليورانيوم المخصب بعد عام 2031، مع عدم وجود حد أقصى لنقاء تلك المادة.
وبعد رحيل إدارة أوباما من البيت الأبيض، انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الصفقة خلال شهر مايو 2018 بحجة أن الاتفاقية لن تمنع إيران من تطوير سلاح نووي.
وقالت إدارة ترامب أيضا إن أي اتفاق مع إيران يجب أن يشمل قيودا ملزمة على برنامج الصواريخ الباليستية، والحد من تدخلاتها الإقليمية وإنهاء صلاتها بالإرهاب. ورفضت إيران التفاوض مع إدارة ترامب.
لماذا العودة للمحادثات؟
منذ أبريل عادت الولايات المتحدة وإيران للمحادثات غير المباشرة في فيينا. وتوقفت المفاوضات في يونيو بعد انتخاب حكومة جديدة في طهران، لكنها استؤنفت نهاية الشهر الماضي مجددا.
وتهدف تلك المحادثات لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة المبرمة عام 2015، حيث يجب على البلدين تحديد الخطوات التي ستتخذانها بمعية القوى الكبرى للعودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاقية.
خلال الجولات الست السابقة، قالت الولايات المتحدة إنها مستعدة لرفع عقوباتها على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك صادراتها من الطاقة والعديد من بنوكها وصناعة الشحن.
وحال رفعت العقوبات مجددا، ستتمكن إيران من الوصول لعشرات المليارات من الدولارات المجمدة في البنوك الخارجية.
في المقابل، تريد إيران أن ترفع الولايات المتحدة جميع العقوبات أولا حتى تتمكن من التحقق من أنها تبدأ في تلقي الفوائد الاقتصادية للاتفاق، بينما تصر طهران على أن تقدم واشنطن ضمانا بأن الولايات المتحدة لن تنسحب مرة أخرى من الصفقة مستقبلا.
هل تمتلك إيران أسلحة نووية؟
لم يكن لدى إيران أسلحة نووية على الإطلاق، على الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والحكومات الغربية قالت إن طهران لديها برنامج أسلحة مخصص لذلك حتى العام 2003 على أقل تقدير.
وقال بعض المسؤولين إنهم يعتقدون أن إيران على الأقل أبقت على قيد الحياة عناصر من برنامج أسلحتها بعد ذلك الوقت، لكن طهران تقول إن أنشطتها النووية مخصصة بالكامل للأغراض السلمية.
في ظل عدم تقدم المفاوضات مع إيران بشأن الملف النووي، بدأت يظهر إلى السطح الحديث عن تدريبات لضربات عسكرية تستهدف فيها منشآت نووية إيرانية.
في حين أن مقدار الوقت الذي ستستغرقه إيران لجمع ما يكفي من الوقود النووي لسلاح واحد تقلص إلى حوالى شهر، إلا أن التقديرات حول المدة التي ستستغرقها طهران لتطوير قنبلة نووية متفاوتة نسبيا.
يقول بعض الخبراء إن إيران أمامها عام واحد فقط قبل أن تكون قادرة على إنتاج سلاح نووي بدائي الصنع. ويقول آخرون إن تركيب رأس حربي فعال على صواريخها الباليستية قد يستغرق عامين إلى ثلاثة أعوام.
ما هي البدائل في حال عدم نجاح المفاوضات؟
في 2 ديسمبر، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن الوقت ينفد بالنسبة لإيران لاستعادة الاتفاق النووي بسبب التقدم في عمليات التخصيب. بدوره، قال الرئيس، جو بايدن، إن الولايات المتحدة “مستعدة للتحول إلى خيارات أخرى” إذا فشلت الدبلوماسية.
ولا تستطيع إيران الحفاظ على الوضع الراهن المتمثل بزيادة التقدم في البرنامج النووي مقابل تباطؤ المحادثات.
وقال بلينكن: إن الولايات المتحدة بدأت في البحث عن خيارات لزيادة الضغط على إيران.
وتبعث واشنطن وفدا الأسبوع المقبل إلى الإمارات، الشريك التجاري الإيراني الرئيسي، للضغط على شركات البتروكيماويات وغيرها من الشركات والبنوك لوقف التجارة التي تتجنب العقوبات مع طهران.
وقال مسؤولون إسرائيليون هذا الأسبوع إنه يمكن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لإظهار أن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين بأن إيران لن يُسمح لها أبدا بامتلاك أسلحة نووية يجب أن تأخذها على محمل الجد.
ومع ذلك، فإن المسؤولين الأمريكيون حريصون على إبقاء الدبلوماسية فعالة على المدى القريب، حيث يبدو أن أي ضربة عسكرية ستكون الخيار الأخير، طبقا للصحيفة الأميركية.
ووفقا للصحيفة، فإن هذا يعني مزيجا من الضغط الاقتصادي والسياسي المتزايد على إيران، وهو الأمر الذي يتطلب دعم روسيا والصين ليكون فعالا. وصعدت إسرائيل من تحذيراتها من أنها قد تقوم بعمل عسكري ضد إيران بسبب أنشطتها النووية.
ما هي حالة البرنامج النووي حاليا؟
منذ انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاقية وفرضه لعقوبات قاسية على إيران، عملت طهران على خرق الاتفاقية تدريجيا قبل أن يتوسع نطاق البرنامج النووي منذ منتصف عام 2019.
على مدى الأشهر الـ 12 الماضية، اتخذت إيران خطوات رئيسية لدفع برنامجها النووي إلى الأمام، حيث باتت تعمل على تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهي خطوة تقلص الوقت لصناعة السلاح النووي الذي يحتاج لتخصيب بنسبة 90 بالمئة.
واصلت إيران عملها لإتقان صناعة أجهزة الطرد المركزي الأكثر تقدما، والتي تنتج الوقود النووي بشكل أسرع، مما قد يسمح لها بتقليل وقت الاختراق. كما بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم خلال يناير، وهي المادة التي تستخدم في تصميم السلاح النووي.
في مطلع ديسمبر، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تستخدم لأول مرة، آلات متطورة لإنتاج 20 بالمئة من اليورانيوم المخصب في منشأة “فوردو” النووية شديدة التحصين.
كما فرضت إيران قيودا شديدة على وصول مفتشي الوكالة الأممية إلى منشآتها النووية، حيث بدأت أيضا في إنتاج أجزاء من أجهزة الطرد المركزي المتطورة في كرج، وهو موقع أزيلت منه كاميرات الوكالة الذرية التي تراقب البرنامج الإيراني بعد ما قالت طهران إنه تخريب إسرائيلي للمنشأة.