الشرق اليوم- في السابع من نوفمبر الماضي، نفذ مسلحون محاولة لاغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بطائرات مسيرة مطورة (درونز)، إحداها من النوع الذي يمكن شراؤه عبر الإنترنت مقابل بضعة آلاف من الدولارات.
وشملت المسيرة أربع مروحيات تشبه الهليكوبتر وبطارية كبيرة الحجم وقنبلة صغيرة مدمجة، لكنها قوية بما يكفي لتفجير سيارة أو ربما قتل قائد الدولة.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إنه سرعان ما ألقى المحققون، الذين درسوا شظايا القنبلة في إحدى الطائرات، اللوم على مجموعة الميليشيات العراقية القوية المدعومة من إيران.
وخلص الخبراء إلى أن القنبلة نفسها كانت ذات تصميم مرتبط سابقا بإيران. أما النتيجة الثالثة التي تصفها الصحيفة بـ”المفاجأة” هو أن المسؤولين العراقيين خلصوا إلى أن طهران لم تأذن بالهجوم، بل عارضته بشدة.
وأضافت واشنطن بوست “يبدو أن محاولة اغتيال الكاظمي كانت من عمل الميليشيات التي أصبحت الآن مسلحة بطائرات بدون طيار، وتشعر بالجرأة على تنفيذ ضربات ذات عواقب وخيمة، دون انتظار الموافقة من رعاتها المفترضين أحيانا”.
وقد سلط هجوم الشهر الماضي الضوء على ما يصفه مسؤولو المخابرات والمحللون بأنه تهديد متزايد للاستقرار في الشرق الأوسط بسبب انتشار الدرونز الهجومية، لا سيما بين الجماعات شبه العسكرية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران.
وبحسب الصحيفة، فقد استحوذ المقاتلون الشيعة، على مدار العامين الماضيين، على أساطيل جديدة من الطائرات بدون طيار القادرة على شن ضربات صغيرة الحجم، ولكن عالية الدقة، على مجموعة واسعة من الأهداف العسكرية والمدنية.
ويقدر مسؤولو المخابرات الغربية أن المسلحين في العراق وسوريا وحدهما قد حصلوا على “عشرات” من الطائرات بدون طيار الجديدة، بدءا من النماذج الإيرانية المتطورة القادرة على الطيران لمسافات طويلة، إلى الدرونز الرخيصة التي يتم تشغيلها عن بعد وتطويرها لتحمل متفجرات صغيرة لكنها قوية.
وقال مسؤولون استخباراتيون حاليون وسابقون لواشنطن بوست إن إيران بدأت مباشرة في تزويد ما لا يقل عن نوعين من الطائرات بدون طيار لحلفائها من الميليشيات في العراق، بعد وقت قصير من ضربة أميركية بطائرة مسيرة أسفرت عن مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني أوائل عام 2020.
وقد جاء تسليح الميليشيات العراقية عقب قرارات سابقة اتخذتها طهران لتوفير طائرات مسيرة قاتلة للمتمردين الحوثيين في اليمن ومقاتلي حزب الله في لبنان.
كما زود فيلق القدس الإيراني، الذي يدعم ويسلح شبكة الميليشيات الأجنبية، أنظمة تشغيل محوسبة للطائرات، بالإضافة إلى تدريب المسلحين على كيفية تعديل الطائرات بدون طيار التجارية للاستخدام العسكري، وفقا لمسؤوليين بالمخابرات الغربية تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم.
ورغم تزويد حلفائها من الميليشيات بطائرات مسيرة وإمداد المسلحين بالخبرة، يقول بعض المسؤولين والمحللين إن طهران تفقد قبضتها على كيفية استخدام الطائرات.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعراقيين حاليين وسابقين قولهم إن الانضباط العسكري داخل شبكة الميليشيات الشيعية الإيرانية في العراق تدهور منذ مقتل سليماني الذي كان يحظى باحترام الجماعات ويسيطر بشدة على العمليات المسلحة التي تقوم بها.
ووفقا لمسؤولين وخبراء، فإن انتشار تكنولوجيا الطائرات بدون طيار تزامن مع تراجع شعبية الميليشيات داخل العراق. يقول مايكل نايتس، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية: “بمجرد أن تصبح هذه الأشياء على الأرض، يصبح من الصعب التحكم في كيفية استخدامها”.
وتقول واشنطن بوست إن محاولة اغتيال الكاظمي لو كانت نجحت، كان من الممكن أن تغرق العراق في حالة من الفوضى، وتشعل صدامات جديدة بين الطوائف العرقية والدينية في البلاد.
وتابعت “في كلا السيناريوهين، تجد إيران نفسها ملامة من خلال تزويد المسلحين بالطائرات بدون طيار”.
غير أن المسؤولين الحاليين والسابقين يقولون إن المخاطر زادت بشكل كبير مع مواجهة الجماعات المسلحة لأسلحة جديدة ومخاطر أكبر.
قال ماثيو ليفيت، الباحث بمعهد واشنطن للصحيفة: “بعض الجماعات لم تعد ترى نفسها بعد الآن على أنها وكلاء لإيران بالدرجة الأولى، ولكن بصفتها جهات فاعلة مستقلة لا تحتاج إلى إذن من أي شخص للقيام بما تريده”.
وفي نوفمبر الماضي، حل رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر فصيل لواء اليوم الموعود المسلح الموالي له وأمر بغلق مقاره.
وحث الصدر الفصائل شبه العسكرية في البلاد على تطهير من وصفهم بالأعضاء غير المنضبطين، كما حث الجماعات المسلحة غير الحكومية على تسليم أسلحتها.
المصدر: الحرة