BY: Patrick Wintour
الشرق اليوم – الآلاف من الأفغان لم يستطيعوا مغادرة أفغانستان بعد سقوط كابول، بعدما كشف الدبلوماسي السابق، رفائيل مارشال، عن الفوضى والاضطرابات داخل وزارة الخارجية البريطانية.
وقال مارشال، إن الفوضى البيروقراطية والتدخل الوزاري وغياب التخطيط، وثقافة الدوام لساعات قصيرة في الوزارة، أدت إلى “ترك أشخاص ليموتوا على يد طالبان”.
إن الأدلة التي قدمها مارشال كانت خطيرة، لدرجة استدعت تحقيقا داخليا عندما قدم روايته للسكرتير الدائم في وزارة الخارجية والكومنولث، سير فيليب بارتون، بنهاية آب/ أغسطس. وكانت أدلته والتحقيق الداخلي، الذي لم ينشر بعد، وراء قرار نقل وزير الخارجية دومينيك راب إلى وزارة أخرى.
وتطوع مارشال، الذي تخرج من جامعة أوكسفورد وبخدمة ثلاث سنوات في السلك الدبلوماسي، للعمل في فريق الحالات الخاصة في ذروة الأزمة بآب/ أغسطس، وبعد سقوط كابول المفاجئ بيد طالبان. وترك الوزارة الآن، وفي شهادة أمام اللجنة المختارة للشؤون الخارجية في مجلس العموم ونشرت الثلاثاء، كشف فيها عن حجم الفوضى التي شاهدها. ووجد نفسه في ذروة الأزمة وحيدا يعمل على مكتب الإجلاء، وكان عليه اتخاذ قرارات حياة وموت حول الأفراد الذين يجب إجلاؤهم، وبناء على معيار عشوائي.
وزعم أن راب بتأخيره إحالات طارئة للترحيل، أساء فهم العملية العشوائية والوضع البائس في مطار كابول. وبدلا من التحرك بشكل عاجل، طلب راب، كما يقول مارشال، معلومات إضافية أخرى، و”من الصعب تفسير سبب الاحتفاظ بالقرار لنفسه، وفشله في اتخاذه بشكل فوري”. وزعم مارشال أن من كانوا بحاجة إلى موافقة راب لم يصلوا أبدا إلى المطار.
وفي بعض الحالات، مضى الفريق دون انتظار رد من راب. وتساءل مارشال إن كان مقر الحكومة في داونينغ ستريت محقا في إخبار البرلمان بأن كل الرسائل الإلكترونية من الأفغان الذين كانوا يحاولون الهروب تم التعامل معها بحلول 6 أيلول/ سبتمبر. وكشف عن الضجة التي أحدثها قرار بوريس جونسون في وزارة الدفاع عندما طلب منها منح أولوية لجمعية رفق بالحيوانات في عمليات الترحيل. وقال مارشال في شهادته: “كانت هناك عملية مقايضة بين ترحيل حيوانات ناوزاد وترحيل المواطنين البريطانيين والأفغان، بمن فيهم من عملوا مع الجنود البريطانيين”.
وعمل الموظف المدني مع الفريق المكلف بمساعدة الأشخاص الذين باتوا عرضة للخطر بسبب صلتهم مع بريطانيا. ولم تقبل طلباتهم بحسب برنامج “أراب” أو “عملية إعادة توطين ومساعدة الأفغان”، وهو برنامج خاص بمن عملوا مباشرة مع الحكومة البريطانية. لكن المتقدمين بطلبات ترحيل ضموا جنودا أفغان وسياسيين وصحافيين وعمالا مدنيين وناشطات نسويات وعمال إغاثة وقضاة. وقدر مارشال في شهادته أن ما بين 75.000 – 150.000 ومرافقيهم تقدموا بطلبات بناء على البرنامج الخاص. وخافت الغالبية العظمى من المتقدمين من تعرض حياتهم للخطر بسبب رابطتهم مع بريطانيا والغرب، ولهذا فهم مؤهلون للترحيل. وفي شهادة من 39 صفحة إلى النواب في لجنة الشؤون الخارجية، قدر مارشال أن أقل من نسبة 5% تلقوا مساعدة.
وقال: “في ذروة الأزمة، ومساء 12 آب/ أغسطس، كنت الشخص الوحيد الذي يراقب عملية التعامل مع الرسائل الإلكترونية في البريد الوارد للحالات الأفغانية”. و “لم تتم قراءة أي رسالة بعد مساء الجمعة، وكان عدد الرسائل التي لم تفتح قد وصل إلى الآلاف، وأعتقد أنها فوق 5.000 رسالة وبتزايد مستمر”. وقال مارشال إنه وفي ظل زيادة الطلب على الأماكن، فقد مهما تطبيق عملية اختيار موثوقة، وهو ما لم يحدث. وزعم أن المعيار الذي طبق كان شخصيا. وأضاف أن الموظفين “خافوا من اتخاذ مئات القرارات المتعلقة بالحياة والموت حول أشخاص لا يعرفون عنهم أي شيء”.
ومن المشاكل التي ساهمت في المشكلة فرض ثماني ساعات عمل يوميا، وعدم القدرة على مناسبة بين نظام الكمبيوتر في وزارة الخارجية ووزارة التنمية الدولية، والتي دمجت في الخارجية عام 2020، ونقص أجهزة كمبيوتر للجنود في كابول لدعوة الأشخاص الذين اختيروا للترحيل، وغياب التنسيق مع الحلفاء الأمريكيين. وزعم أن البرنامج الموازي لبرنامج الترحيل الخاص لم يكن فاعلا، مشيرا إلى أن عدد الرسائل في صندوق البريد الوارد وصلت مساء الخميس إلى 4.914 رسالة. وخلق البرنامج الموازي حالة من التخبط مع البرنامج الأصلي، وهو ما عنى بقاء رسائل إلكترونية دون ملاحظة أحد.
وزعم أيضا أنه لم تكن هناك مداومات ليلية لمدة خمسة أيام، وشعر الموظفون الذين جندوا للمساعدة بالرعب من النظام. ورغم الوضع الطارئ إلا أن موظفي الوزارة استمروا بالعمل مدة 8 ساعات في اليوم و5 أيام في الأسبوع، وطلب من موظفي الوزارة العمل في مداومات ليلية تطوعوا لها. وأضاف أنه رغم الطلبات المتكررة، فلم يكن بالإمكان معرفة عدد الأشخاص الذين تم الاتصال بهم للترحيل، وهو ما يعني أن الوزارة لم تكن على علم بالمواقع المتبقية. وفي النهاية، اختار الجنود في المطار الأشخاص بناء على ورود أسمائهم في قائمة وزارة الداخلية.
ويقول إن السبب غير واضح حول عدم انتهاء المدنيين من تقديم خطة الترحيل إلا بعد سقوط كابول بأربعة أو خمسة أيام، وهذا مقارنة مع وزارة الدفاع. وورد في شهادته للنواب: “ووثقت الكثير من الرسائل الإلكترونية عددا من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان قامت بها طالبان، بما في ذلك القتل والاغتصاب وحرق البيوت”.
وقال: “مقارنة مع تصريحات الحكومة حول تغير طالبان والعدد الكبير من المزاعم الموثوقة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي تلقتها الحكومة مثير للدهشة”. وسأل مارشال السكرتير الدائم للنظر في إمكانية خرق المعايير الوزارية بشكل أدى للفوضى، وكان الجواب إن المعيار لا يغطي العجز. وقال مصدر لراب: “رحلنا 500 حالة خاصة، بما في ذلك ناشطات في حقوق الإنسان والصحافيين والأفراد الذين تعرضت حياتهم لخطر كبير”.
وأضاف: “التحدي العملي في عملية الترحيل كان التوثق من هوية وتأمين الممر الآمن إلى المطار، وليس سرعة القرار. وكان تركيز الفريق طوال الوقت هو حماية الأرواح”. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن فريقا من 1.000 شخص في وزارة الخارجية عمل بشكل متواصل لترحيل أكثر من 15.000 شخص من أفغانستان، وفي أسبوعين، وهي عملية ضخمة من نوعها في أجيال، وثاني أضخم عملية ترحيل تقوم بها دولة”. و”للأسف، لم نستطع ترحيل من نريد، وكل الذين أرادوا الخروج، ولكننا ساعدنا منذ نهاية العملية أكثر من 3.000 شخص لمغادرة أفغانستان”.