بقلم: عقل العقل – صحيفة “عكاظ”
الشرق اليوم – أن تكون مسقط العاصمة العمانية هي المحطة الأولى في جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله، لها دلالات مهمة في مسيرة العلاقات السعودية – العمانية، التي تشهد دفعة قوية على كافة الصعد، خاصة بعد زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق للمملكة في شهر يوليو الماضي ولقائه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي كانت الزيارة الخارجية الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم في السلطنة.
المملكة وعمان تملكان إرثا من العلاقات التاريخية تجمعهما الجغرافيا والثقافة والدين والمصير المشترك، وظلت العلاقات السعودية – العمانية مبنية على احترام المصالح وتقويتها في ظل تحديات تعيشها المنطقة والعالم، والسلطنة في الفترات المتلاحقة كانت لها سياسة مبنية على الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وتتمتع سلطنة عمان بموقع إستراتيجي يربط بين الشرق والغرب وسواحل مفتوحة على خطوط التجارة العالمية، مما يعطيها ميزات إضافية هائلة في قضايا التجارة العالمية.
زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لسلطنة عمان تأتي في هذا السياق، فسموه هو قائد رؤية المملكة 2030 بكل تجلياتها الاقتصادية والاجتماعية، والسلطان هيثم بن طارق هو مهندس رؤية «عمان 2040»، دول الخليج بالغالب تعمل وتتكيف لمرحلة ما بعد الدولة الريعية النفطية، المملكة وعمان دولتان يشكل عنصر الشباب أغلبية في مجتمعاتها وهذا يعطيهما ميزتين إضافيتين، وكذلك يفرض نوعا من التحديات الاقتصادية في مجال توطين الوظائف وتنويع اقتصاد الدولتين، سوف يتم الافتتاح الرسمي للطريق البري بين المملكة وعمان، وهذا سوف يكون له دور حيوي اقتصاديا واجتماعيا لهما ولمنطقة الخليج، وسوف يربط الصادرات السعودية للمناطق الحرة الصناعية المتفق على إنشائها بين الرياض ومسقط في منطقة الدقم الساحلية العمانية، مما يمكن الصادرات السعودية البترولية والكيماوية منافذ أخرى بدون المرور بمضيق هرمز، والذي تهدد إيران وتصعد بإغلاقه في كل أزمة لها مع العالم.
لا شك أن قطاع السياحة مهم في دول الخليج وفي خططها الاقتصادية المبنية على تنوع الاقتصاد ومن أهم قنوات ذلك التنوع هي السياحة والترفيه والانفتاح على العالم، ما نشاهده اليوم في المملكة من فعاليات ترفيهية ورياضية وفنية تعتبر من ملامح دولة ما بعد النفط أو على الأقل الدول ذات التنوع الاقتصادي البعيد عن تقلبات النفط أسعارا أو بدائل أخرى للطاقة، بل نجد المملكة ودول الخليج من الدول المتقدمة في صناعة الطاقة البديلة الصديقة للبيئة المعتمدة للعوامل الطبيعية لتوليد الطاقة، وهذا المجال قد يكون من أهم مجالات التعاون السعودي – العماني خلال زيارة ولي العهد للسلطنة. إن فتح الطريق بين السعودية وعمان سوف يوفر الوقت والإجراءات في تبادل المصالح والنقليات التجارية المباشرة بين الدولتين وسوف يزيد من التدفق السياحي والديني بين الشعبين الشقيقين.
الزيارة من ملامح الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين تعطي وتؤكد الانطباع بأن الزيارة ذات طابع اقتصادي وهي بالفعل والاقتصاد والتكتلات الاقتصادية والسياسية هي محور مهم في العلاقات الثنائية بين الدول، فمسقط تلعب دورا وسطا ومحايدا في ملفات حساسة في منطقة الخليج وقد يكون لها دور إيجابي في ذلك وخاصة في الملف اليمني والإيراني، وكلنا يتذكر أن مسقط استضافت لقاءات بين مجموعة الخمسة +1 وإيران في اتفاق 2015.
جولة ولي العهد محمد بن سلمان في دول الخليج تأتي قبل فترة وجيزة من انعقاد القمة الخليجية في المملكة والتي تعتبر الركن الأساسي في منظومة الأمن الخليجي والعربي، وهذا هو دور الرياض دائما في حماية المنظومة الخليجية والعربية، وكلنا يتذكر الدور المشرف الذي قامت به المملكة في قضية احتلال الكويت وتحريرها.