بقلم: ياسمين سلمان – المدى العراقية
الشرق اليوم- يعد هدف تحقيق السلام والتعايش السلمي شرطاً أساسيا لاكتمال رفاه الشعوب وأن حفظ السلم قضية هامة وضرورية تسعى الأمم المتحدة لترسيخها بمشاركة العديد من مكاتبها، فضلاً عن كونها موضعاً أساسياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة،
ولأهمية موضوع السلام أدرجت الأمم المتحدة الهدف 16 الذي يرسخ المجتمعات المنصفة، والمسالمة والانتمائية، ويطلب من الدول الأعضاء ترسيخ التعايش السلمي بين الناس، وتقليل تدفق الأسلحة ومحاربة الجريمة المنظمة وكافة أنواع العنف في كل دول العالم، ضمن أجندة أهداف التنمية المستدامة التي أدرجتها الأمم في تاريخ 1 كانون الاول 2016 في خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ومما لاشك فيه أن الهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة يتفق مع قرار الأمم المتحدة المرقم 1325 والمتخذ بالإجماع في 31/10/2000 حول المرأة والسلام والأمن، إذ يتميز القرار بأنه الأول من نوعه الذي يحث على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان مشاركة المرأة في عمليات صنع القرارات وبناء السلام وحل النزاعات، ويناقش في بنده العاشر صراحة مشكلة انتشار العنف على اساس النوع الاجتماعي في مناطق الصراعات. وكما يعد القرار (1325) بانه أول وثيقة رسمية وقانونية تنطوي على التزام سياسي دولي وخطوة كبيرة في تطوير قضايا المرأة، وأداة لتمكين المرأة في صنع السلام وتعبئتها كمورد بشري فعال في هذا المجال.
يتكون القرار (1325) من 18 نقطة، التي قد يراها البعض متداخلة ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع بالنسبة لبعض البلدان، وافتقاره إلى تدابير الإلزام، وبصرف النظر عن ذلك إلا أنه قد مهد الطريق لمزيد من القرارات وخطط العمل لصالح المرأة، ويعتبر الخطوة الأولى في وضع معايير دولية جديدة تحمي المرأة وتدمجها في جميع المستويات. فضلاً عن تحديده للنساء كعناصر فاعلة، مما مكّن المرأة من المطالبة بما هو حق لهن،. كما شجع الدول على تنفيذ برامج قائمة على النوع الاجتماعي. وتجدر الاشارة الى ان العراق الى جانب الاردن وفلسطين كان من اوائل الدول على مستوى المنطقة العربية بوضع خطط وطنية وتم اعتمادها منذ عام 2014.
إن موضوع تفعيل دور المرأة يواجه الكثير من التحديات، إذ يلاحظ من خلال الاطلاع على التقارير الرسمية لهيئة الامم المتحدة للمرأة، والدراسات المنشورة تبين أن مساهمة المرأة في عمليات صنع السلام بصورة عامة تٌعد ضئيلة ومحدودة إذ مثلت المرأة عالميا بين عامي 1992 و 2019، نسبة 13 % من المفاوضين و6 % من الوسطاء و 6 % من الموقعين على اتفاقيات عمليات السلام الرئيسية في جميع أنحاء العالم، وحوالي سبع من كل عشر عمليات سلام لم تتضمن أي وسطاء أو نساء موقعة على الاتفاق. كما انخفضت حصة المرأة في المناصب العليا في بعثات حفظ السلام على وجه التحديد من 21٪ إلى 19٪ بين عامي 2011 و2013.
فعلى المستوى المحلي يمكن القول ان موضوع تفعيل دور المرأة في بناء السلام والمشاركة في صنع القرار لاتقتصر على الجهود الحكومية التنفيذية والتشريعية فقط، اذ لابد من توعية مجتمعية بأهمية دور المراة في المفاوضات وبناء السلام والتعايش السلمي، وأن يشتمل موضوع تفعيل دور المرأة على قطاعات اوسع تضم كل من منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية ومراكز الدراسات والبحوث والتدريب بغية رفع الوعي في هذه القضية. المرأة ليست فقط مستفيدة وانما شريكة اساسية في المجتمع ونصف الفاعلين، ولا يفوتنا الاشارة الى أهمية العمل على تغير الصور الذهنية والقوالب النمطية التي وضعها المجتمع للمرأة وحدد امكانياتها وادوارها، وضرورة توضيح الأثار الايجابية الناتجة عن تحقيق المساواة الجندرية (النوع الاجتماعي) في بناء السلام. والعمل على تنمية وتكوين وتطوير وصقل مهارات شريحة من الجيل الجديد وتدريبهم على مهارات الحوار السلمي وبناء التقبل والثقة والتعامل مع الصرعات بطريقة تخلو من العنف وتشكيل قيادات نسوية من داعاة السلام، كما يتطلب الامر تظافر كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية وعمل تشبيكات دولية، ويبقى التأكيد على تشكيل نوعيات من القيادات النسوية لتكوين رائدات في صنع السلام والمفاوضات وليس مجرد ارقام ونسب تدرج ضمن انجازات وخطط سنوية ودور شكلي غير فعال.