الرئيسية / مقالات رأي / التحيّات وحدها لا تكفي

التحيّات وحدها لا تكفي

الشرق اليوم- قليلة هي المعلومات التي تم تسريبها عن القمة الافتراضية التي جمعت الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، نظراً للسرية التي أحيطت بالقمة التي استمرت لساعتين. لكن ما تسرب من معلومات عبر المسؤولين في واشنطن وموسكو تعطي انطباعاً بأن الرئيسين لم يتمكنا من تحقيق اختراق فعلي في العلاقات المتوترة على خلفية الأزمة الملتهبة حول أوكرانيا، لكنهما اتفقا على مواصلة الحوار بين البلدين بشأن أوكرانيا، وأصدرا تعليمات لفريقيهما باستمرار العمل في هذا الشأن، على أن تقوم واشنطن بذلك “بالتنسيق الوثيق مع الحلفاء والشركاء”، وهو ما قام به بايدن بالفعل بعد انتهاء القمة، حيث قام بإطلاع قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا على مضمون ما دار في القمة، “وإجراء المشاورات معهم حول الخطوة القادمة” حسب مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان.

 لا شك أن القمة كانت ضرورية في محاولة لتبريد الأجواء بين روسيا والدول الغربية وسط أجواء تنذر بالمواجهة بين الطرفين، حيث بلغ التوتر أوجه من خلال اتهام روسيا بحشد قواتها على حدود أوكرانيا، استعداداً لهجوم تعدّ له في مطلع العام القادم، وفق مسؤولين وتسريبات إعلامية غربية، الأمر الذي نفته موسكو بشدة، واعتبرته “سخيفاً وخطيراً”.

 ورغم محاولة الرئيسين إبداء الليونة في بداية القمة والترحيب المتبادل بينهما، ومبادرة الرئيس الروسي بالقول “تحياتي السيد الرئيس”، وإعراب الرئيس الأمريكي عن “سروره” للقاء نظيره الروسي، إلا أن المحادثات أخذت بعد ذلك طابع الجدية، وطرح المواقف المتعارضة من مجمل العلاقات، وكان بعضها شديد التوتر، حيث حذر بايدن نظيره الروسي – وفقاً للبيت الأبيض – بأن موسكو ستتعرض ل”عقوبات شديدة اقتصادية وغيرها” في حال تصعيد عسكري في أوكرانيا، كما أعرب بايدن عن “مخاوف الولايات المتحدة وحلفائها حيال حشد تعزيزات روسية على الحدود مع أوكرانيا”. فيما جدد بوتين موقف بلاده في تحديد “خطوط حمر” استراتيجية إزاء توسع حلف الأطلسي باتجاه حدود بلاده الغربية، بما يشكل تهديداً مباشراً لأمن بلاده القومي، مطالباً “بضمانات واضحة” بهذا الشأن. كما عرض بوتين، وفق بيان للكرملين إلغاء القيود المفروضة على عمل البعثات الدبلوماسية بشكل متبادل بين البلدين، الأمر الذي “يمكن أن يساعد أيضاً في تطبيع جوانب أخرى من العلاقات الثنائية”. وأشار البيان إلى أن الرئيسين أكدا حالة التعاون “غير المرضية” بين البلدين. كذلك أعرب بوتين عن “قلقه الشديد” إزاء تصرفات كييف الاستفزازية ضد إقليم دونباس، بهدف تفكيك اتفاقيات مينسك.

 صحيح أن القمة تناولت قضايا أخرى ذات اهتمام مشترك مثل الاستقرار الاستراتيجي والأمن السيبراني وقضايا إقليمية مثل الاتفاق النووي مع إيران والوضع في سوريا، لكن كل هذه القضايا لم تكن بأهمية التوتر المتصاعد على الحدود الأوكرانية – الروسية أو في البحر الأسود، حيث التحيّات والنوايا الحسنة وحدها لا تكفي لتجسير الهوة العميقة بينهما.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …