الرئيسية / مقالات رأي / The New York Times: لماذا كل هذا الاهتمام الروسي بأوكرانيا؟ وما الذي يقود الأزمة الروسية الأوكرانية نحو حافة الهاوية؟

The New York Times: لماذا كل هذا الاهتمام الروسي بأوكرانيا؟ وما الذي يقود الأزمة الروسية الأوكرانية نحو حافة الهاوية؟

By: Anton Troianovski

الشرق اليوم – هناك أسبابا تكتيكية تدفع روسيا إلى التلويح بغزو جارتها أوكرانيا، إلا أن السبب الحقيقي لذلك ربما يكمن في تعلق الكرملين بفكرة جبر ضرر ناجم عما يراه ظلما تاريخيا.

إن القناعة الراسخة لدى الكرملين هي أن روسيا تهتم بمصير جارتها الجنوبية الغربية أكثر مما سيوليه الغرب لها من اهتمام على الإطلاق.

فقد دأب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأقرب مساعديه -في أحاديثهم ومقابلاتهم ومقالاتهم خلال هذا العام- على توجيه رسالة تدل على أن تركيزهم الوحيد منصب على أوكرانيا. بل إن فكرة الكرملين تقوم على أن الأوكرانيين “شعب واحد” مع الروس لكنهم يعيشون في دولة “فاشلة” تتحكم بها قوى غربية عازمة على تفتيت عالم ما بعد الاتحاد السوفياتي وهزيمته.

على أن الأوكرانيين -الذين أطاحوا برئيس موالٍ لروسيا في عام 2014 ويحبذون ارتباط دولتهم بمؤسسات غربية- يخالفون الكرملين الرأي إلى حد كبير.

غير أن قناعة بوتين تجد أذنا صاغية لدى العديد من الروس، “الذين يرون أنهم مرتبطون ارتباطا وثيقا بأوكرانيا عبر وشائج لغوية وثقافية واقتصادية وسياسية وعائلية”.

روسيا حشدت 175 ألف جندي ووضعتهم على أهبة الاستعداد بما ينذر بغزو يخشاه المسؤولون الغربيون، مضيفة أن مناورة بوتين قد تكون ابتزازا مدروسا مدعوما بإشارات تشي بأن التلويح بالحرب حقيقي، وأن الغرض منه إرغام الرئيس الأميركي جو بايدن على الاعتراف بأن أوروبا الشرقية تقع ضمن دائرة الاهتمام الروسي.

بيد أن بوتين ومعه مواطنون روس آخرون كثر، يرون أن الصراع مع أوكرانيا الممتد زهاء 8 سنوات ليس مجرد نزاع جيوسياسي بل يتعلق بمشاعر وطنية “جريحة”، وبظلم تاريخي يتوجب تصحيحه.

وفي مقابلة سابقة، وصف غليب بافلوفسكي مستشار بوتين السابق نظرة الكرملين إلى المسألة الأوكرانية بأنها “جرح غائر”.

وبالنسبة لكثير من الأوكرانيين، فإن تشدق بوتين بالتاريخ المشترك لا يعدو أن يكون “محاولة جوفاء” لانتحال تراث دولتهم وتبرير أطماعه الإقليمية. وفي ذلك تقول أليونا غيتمانشوك مديرة “مركز أوروبا الجديدة ” في العاصمة الأوكرانية كييف إن الروس “سرقوا ماضينا، ويسعون الآن لسرقة مستقبلنا”.

وأظهرت استطلاعات للرأي أن استخدام القوة العسكرية لإعادة أوكرانيا إلى الحظيرة الروسية من شأنه الإضرار بشعبية بوتين في الداخل، وهو أحد الأسباب التي تدعو المحللين الروس إلى التشكيك في أن إقدام بوتين على غزو جارته الجنوبية الغربية قد ينطوي على ثمن “مرعب” يتمثل في إزهاق أرواح أوكرانيين وروس.

وينظر الروس في الغالب الأعم إلى كييف -التي أصبحت الآن عاصمة أوكرانيا- على أنها مهد أمتهم، ذلك أن أدباء مرموقين يكتبون باللغة الروسية من أمثال نيكولاي غوغول وميخائيل بولغاكوف جاؤوا من أوكرانيا تماما مثلما انحدر منها ليون تروتوسكي، الذي يعد أحد أهم قادة الثورة الروسية الشيوعية، والزعيم السوفياتي السابق ليونيد بريجنيف.

وبحسب إيليا بونوماريف، العضو السابق في البرلمان الروسي قوله إن “إحدى المشاكل العويصة التي تدفعنا نحو الصراع هي أن الهوية الروسية لا تتأتى بمعزل عن الهوية الأوكرانية”.

وكان بونوماريف البرلماني الروسي الوحيد الذي صوّت ضد ضم بلاده لجزيرة القرم، قبل أن يفر إلى أوكرانيا حيث حصل على جنسيتها وما يزال يعيش هناك.

إن الملايين من الروس والأوكرانيين لديهم أفراد من عائلاتهم في الدولة الأخرى. فعلى سبيل المثال، زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني، كان يقضي الصيف أيام طفولته في أوكرانيا وهي مسقط رأس والده.

وعلى الرغم من أن نافالني من المنتقدين لسياسة بوتين الخارجية “العدائية” فإنه لا يرى أي اختلاف بين الروس والأوكرانيين على الإطلاق.

ولطالما اغتنم بوتين الحظوة العاطفية لدى مواطنيه الروس تجاه أوكرانيا لتحقيق مآربه الخاصة على الصعيد الدولي ولصالح سياسته الداخلية.

بوتين كان قد كتب مقالا في يوليو/تموز الماضي عن السبب الذي يدعوه لاعتبار الأوكرانيين والروس شعبا واحدا، واصفا الانقسامات الحالية بأنها “كارثة مشتركة كبيرة”.

وزعم في مقاله ذاك أن الغرب سعى لجعل أوكرانيا بمثابة “مركز متقدم” ضد روسيا. وأضاف “ليس من المبالغة القول إن مسار الاندماج القسري، وتأسيس دولة خالصة للعرق الأوكراني تكن عداء لروسيا؛ عوامل تماثل في توابعها استخدام أسلحة الدمار الشامل ضدنا”.

ترجمة: الجزيرة 

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …