by: Franz-Olivier Giesbert
الشرق اليوم – هل الاستعمار الأوروبي المسؤول عن تدفق المهاجرين في مواكب حزينة وطويلة عبر البحر الأبيض المتوسط وبحر المانش هو سبب البؤس في العالم؟
يقول لك البعض إن سبب تلك المآسي الاستعمار الذي نهب خيرات بلدان الجنوب ودمر اقتصاداتها، لكن ألا يتذكر هؤلاء أن استعمار تلك البلدان أصبح قصة قديمة؟
فإذا كانت الجزائر في الوضع الذي هي عليه حاليا، فمشكلتها الحقيقية هي تعاقب أنظمة ما فتئت تنهب أموال النفط والغاز من دون حسيب أو رقيب منذ استقلال البلاد عام 1962.
في هذا البلد -كما في أفريقيا أو الشرق الأوسط- من النادر أن تتم الإشارة إلى الأشخاص الحقيقيين المسؤولين عن الهجرة الجماعية، ومع ذلك فإن حكام البلدان الأصلية هم من دفعوا شباب بلادهم -بوحشيتهم وعنجهيتهم- إلى الهجرة، رغم ما يهدد حياتهم من مخاطر.
وبعد الإخفاقات الغربية -خاصة في ليبيا وأفغانستان- لم يعد مبدأ التدخل في شؤون الدول واردا.. ألم يحن الوقت لفضح أنظمة ليس لديها ما تخشاه من الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة، التي تسيطر عليها بشكل أو بآخر؟ ليس هناك -للأسف- ما يمكن توقعه من الأمم المتحدة.
أوروبا تحتاج بشكل عام وفرنسا بشكل خاص إلى الهجرة لتنشيط نفسها، تمامًا كما يحتاج كل منا إلى الهواء للتنفس؛ فالهجرة الصفرية غباء اقتصادي وحضاري، ولا يبدو أننا سنمل من تكراره، ففضلا عما ينطوي عليه ذلك من عار، فعلى من يريدون إغلاق كل حدودنا أمام المهاجرين أن يدركوا أن بلادنا بذلك ستموت ببطء.
ومن العار أيضا أن يظل أناس يدافعون عن فتح الهجرة أمام أعداد هائلة من البشر؛ فذلك جنون سيقود قريبًا القارة الأوروبية إلى الخراب، وإلى انحطاط لا رجعة فيه.
الدول الغربية لديها بالتأكيد الوسائل التقنية أو البوليسية لإيقاف الهجرة، لكنها من الناحية الأخلاقية عاجزة عن ذلك، إذ من المستحيل ألا يحزن الشخص وقد علم أن 27 مهاجرًا غرقوا الأسبوع الماضي في القناة الإنجليزية، وهم يحاولون الوصول إلى السواحل البريطانية.
ترجمة: الجزيرة