الشرق اليوم- كشف بعض الخبراء والمحللين أن الصين وروسيا تسعيان إلى تعميق تحالفهما غير الرسمي لمواجهة ما تعدانه تهديدات غريبة لمصالحهما ونفوذهما، وذلك وفقا لتقرير نشره موقع “صوت أمريكا” الإخباري.
وكان العام الحالي قد شهد مزيدا من التعزيز للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين أكبر بلدين من حيث المساحة والسكان في العالم، وذلك رغم التاريخ المضطرب الذي جمعها على مدى عقود طويلة.
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في معهد دراسات الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فاسيلي كاشين: إن موسكو تعتمد على الاقتصاد الصناعي الصيني الهائل في صادراتها من النفط والغاز، مما يجعلها تتفادى القواعد البيئية في الاتحاد الأوروبي التي تعقد من صادراتها من الطاقة.
ولفت كاشين إلى العلاقات الثنائية بين البلدين تعد في أقوى حالاتها منذ الخمسينيات، موضحا: “الأهم من ذلك، لدينا موقف مشترك فيما يتعلق بالنظام العالمي، إذ أننا لا نحبذ هذا النظام الذي تقوده الولايات المتحدة، لذا فإن هذه الشراكة الوثيقة بين بكين وموسكو تستند إلى المعارضة المشتركة تلك المنظومة”.
وكانت الديمقراطيات الغربية من الولايات المتحدة إلى أستراليا مرورا بدول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا قد عززت روابطها في الآونة الغربية بالتزامن مع القلق الي يعتريها بشأن سياسات بكين “العدوانية” تجاه تايوان وحملتها على وحملتها على المعارضين في هونغ كونغ بالإضافة إلى استراتيجيتها التي تستهدف الأقلية المسلمة في إقليم شينجيانغ الصيني.
ووفقا للباحث المشارك في معهد S. Rajaratnam للدراسات الدولية بسنغافورة، آلان تشونغ، فإن سياسة “القوة الناعمة” التي كانت تعتمدها بكين قد تلقت ضربة موجعة بسبب تصريحات وسلوك الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الذي يسعى إلى إظهار قوة بلاده ونفوذها في الخارج، “مما جعل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن تعتبره خصما شرسا للغاية”.
وكانت الصين قد أجرت خلال العام الحالي خمس مناورات عسكرية مع روسيا والتي أجرت صفقات أسلحة ضخمة مع جارتها الجنوبية.
وفي أكتوبر، أجرت الصين وروسيا مناوراتهما البحرية السنوية العاشرة، المعروفة باسم “التفاعل البحري”، مع السفينة المضادة للغواصات التابعة لأسطول المحيط الهادئ الروسي الأدميرال بانتيليف، حسبما أفادت وكالة سبوتنيك الإخبارية الروسية، فيما أرسلت البحرية الصينية عدة مدمرات وغواصة تعمل بالديزل.
وأشارت سبوتنيك إلى أن البحريتين الروسية والصينية تتدربان معًا لتعزيز “القدرات القتالية” في حالة “التهديدات المنقولة بحراً”، فيما أجرى البلدان تدريبات عسكرية على مدى خمسة أيام في منطقة نائية بوسط الصين في أغسطس، شارك فيها أكثر من 10 آلاف جندي.
وذكرت صحيفة، تشاينا ديلي، الحكومية الصينية أن الصين وروسيا بدأتا أيضًا تشغيل مركز للطقس الفضائي هذا الشهر في بكين وموسكو، لافتة إلى أن البلدين اتفقا في يونيو على تمديد معاهدة حسن الجوار والتعاون الودي التي دخلت حيز التنفيذ منذ 20 عاما، لتعزيز العلاقات من خلال احترام مصالح وسيادة كل منهما.
ويرى الأمين العام للمجلس الصيني للدراسات السياسية المتقدمة (مركز أبحاث) في تايوان، أندرو يانغ، أن بكين بحاجة من روسيا إلى الأسلحة والنفط والغاز والدعم الدبلوماسي لمواجهة الضغوط الغربية
وكانت روسيا قد وافقت في العام 2015 على بيع الصين 24 طائرة مقاتلة وأربعة أنظمة صواريخ أرض-جو (إس-400) مقابل حوالي 7 مليارات دولار.
“إجراءات فضفاضة”
وعلى الجانب الاقتصادي، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لروسيا في عام 2017، فيما اتفق الرئيس الصيني مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، قبل عامين على دمج جهودهما لفتح طرق التجارة من خلال تشييد البنى التحتية في العديد من البلدان.
وهنا يوضح يانغ: “أن الصين وروسيا يعتقد أنهما قادرتين على إنشاء تحالف قوي يحمي مصالحهما المشتركة في العديد من مناطق العالم”.
وفي المقابل، يشدد بعض المحللين على تاريخ انعدام الثقة بين الصين وروسيا قد يجعل التعاون بينهما يقتصر على إجراءات فضفاضة وغير رسمية.
وقال عضو هيئة التدريس بجامعة فولبرايت الفيتنامية، نجوين ثان ترونغ، إن الجانبين يمكن أن يبرما اتفاقًا لتقاسم التكنولوجيا العسكرية مثل اتفاق أوكوس الذي يضم أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة”، مردفا: “خلال العامين المنصرمين وقعت الصين وروسيا الكثير من الاتفاقيات، لكنني لا أرى الكثير من التقدم الملموس في اتفاقياتهما”.
وقال تشونغ إن الحلفاء الغربيين لا يحتاجون إلى القلق بشأن التعاون بين الصين وروسيا ما لم توقع القوتان اتفاقات رسميا، موضحا: ” في حال توقيعهما على مذكرة تفاهم فإنهم سوف يقرون صراحة بأنهم سوف ينظمون عددًا من التدريبات العسكرية، وهذا يعني وجود شيء من نمط قيادة مشتركة أو متكاملة، وعندئذ يحق للغرب أن يقلق”.
تجدر الإشارة إلى البنتاغون كان قد أعلن هذا الأسبوع، وفي إطار مراجعة دورية لتواجد القوات الأميركية حول العالم أنه سيعزز الانتشار والقواعد الموجهة إلى الصين وروسيا، مع الحفاظ على قوات في منطقة الشرق الأوسط لردع الجماعات الإرهابية وإيران.
المصدر: الحرة