بقلم: رامي الخليفة العلي – صحيفة “عكاظ”
الشرق اليوم – انطلقت في العاصمة النمساوية فيينا الجولة السابعة من مفاوضات فيينا بين دول 4+1 وإيران وبوجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية حيث هناك وفد أمريكي ينسق مع الدول الأخرى.
الأجواء السائدة تشير إلى تشاؤم سواء على صعيد الوفود أو على صعيد الخبراء والمختصين. تبدو الهوة متسعة بين الطرفين، فقد وضع النظام الإيراني ثلاثة شروط تبدو الإدارة الأمريكية غير قادرة على تنفيذها؛ أول تلك الشروط أن تعطي واشنطن ضمانات لإيران بأن أي إدارة قادمة لن تتخلى عن الاتفاق النووي وهذا الأمر يقترب من الاستحالة، لأنه يتعارض مع قواعد دستورية ترسم حدود النظام السياسي الأمريكي. أما الشرط الآخر، فهو متعلق بالعقوبات حيث تشترط طهران أن يتم رفع كافة العقوبات التي فرضتها واشنطن خلال السنوات الماضية. وهذه مسألة في غاية الصعوبة، لأن هذه العقوبات لم تفرض كلها بسبب البرنامج النووي وإنما بعضها فرض على الحرس الثوري بسبب دوره في منطقة الشرق الأوسط.
وبالتالي رفع تلك العقوبات يعني تفاهم حول هذه القضايا وهذا أمر مستبعد حتى الآن، الشرط الإيراني الأخير ينقلنا إلى الشرط الثالث وهو أن تكون المفاوضات تقنية وليست سياسية، أي أنها تتعلق بالتزامات إيران ودور الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعقوبات وغيرها من القضايا التفصيلية المرتبطة بالملف النووي، وهذا الشرط من وجهة نظر الولايات المتحدة يتجاهل أن منطقة الشرق الأوسط تموج بالأزمات وبالتالي نقاش الدور الإيراني أساسي لوضع حد لهذه الصراعات واستعادة الثقة بما يجعل الاتفاق النووي قابلا للحياة. أما الولايات المتحدة فهي تريد أن تكون هناك ضمانات بعدم امتلاك إيران لقدرات صناعة القنبلة النووية، وخصوصا بعد نهاية فترة الاتفاق. كما تريد الاتفاق على سلة متكاملة تتضمن عناصر القلق التي يبديها حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة منها برنامج الصواريخ الباليستية وكذا الطائرات المسيرة، خصوصا أن هذه التقنيات أصبحت بين أيدي جماعات إرهابية كالحوثي وحزب الله وغيرهما، كما لا بد من تغيير سياسة إيران في المنطقة بما يعيد الأمن والاستقرار للمنطقة برمتها.
الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لا يثق بالنظام الإيراني وهو يرى أن نقطة اللاعودة في البرنامج النووي تقترب بشكل كبير، وعند ذلك سوف تطرح الخيارات كافة كما ذكر روبرت مالي مبعوث الإدارة الأمريكية حول إيران في مؤتمر المنامة الأخير، الولايات المتحدة تحاول أن تبعد المواجهة الشاملة لأن تكلفتها سوف تكون باهظة، ولكنها قد تصل إليها إذا انعدمت الخيارات الأخرى، وهذه الخيارات هي ما يحاول الغرب البحث عنها في مفاوضات فيينا دون كبير أمل. أما ما دون المواجهة الشاملة فالصراع قائم على قدم وساق، الحرب الاستخباراتية وصلت إلى أهم العلماء الإيرانيين، وكذلك الحرب السيبرانية التي تستهدف الأنظمة الحاسوبية للبرنامج النووي لم تتوقف، وكذا الضربات الجراحية التي تقوم بها إسرائيل وتستهدف مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني. الصراع بين الولايات المتحدة وحلفائها وإيران وصل إلى لحظة الحقيقة، إما الوصول إلى اتفاق أو المواجهة الشاملة، أما الخيار الثالث فهو شراء الوقت من قبل كلا الطرفين وهو ما يحدث عمليا على امتداد السنة الماضية.