بقلم: إيرينا سلاف
الشرق اليوم– يرى عدد من الخبراء أن جهود الرئيس الأمريكي جو بايدن الرامية إلى دفع عدد من الدول الحليفة للإفراج عن احتياطاتها النفطية الإستراتيجية بهدف خفض أسعار النفط قد تؤدي إلى نتائج عكسية ووصول سعر البرميل إلى 100 دولار. يأتي ذلك في وقت انتعشت فيه أسعار النفط في تعاملات صباحية اليوم رغم مخاوف من تأثيرات المتحور الجديد لفيروس كوورنا (أوميكرون).
إن إعلان الرئيس بايدن في وقت سابق هذا الأسبوع أن الحكومة الأمريكية ستفرج عن 50 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي الإستراتيجي كان يهدف في الأساس إلى خفض أسعار النفط، لكن الأسعار ارتفعت على أرض الواقع، وهو ما قد يدفع دول “أوبك بلس” إلى خفض حجم إمداداتها.
وترى الكاتبة أن التراجع المفاجئ في أسعار النفط الجمعة الماضي سببه تصاعد المخاوف من موجة كوفيد-19 جديدة، وليس إعلان بايدن الإفراج عن جزء من مخزون البلاد الإستراتيجي من النفط.
ويحذر خبراء الطاقة من أن الإفراج عن الاحتياطي الإستراتيجي قد لا يكون له التأثير المنشود، إذ إن دول أوبك بإمكانها حجب المزيد من النفط من الأسواق، بكميات أكبر مما ستُفرج عنه الولايات المتحدة وحلفاؤها.
ويؤكد المحللون أن النفط الخام الذي تستعد الولايات المتحدة للإفراج عنه من النوع الحامض غير المفضل عالميا، لأنه يتطلب قدرا كبيرا من المعالجة لتقليل مستوى الكبريت، وهي عملية تحتاج عادة إلى الغاز الطبيعي الذي ارتفعت أسعاره بشكل كبير مؤخرا، ويحذر المحللون في الوقت الراهن من وصول سعر خام برنت إلى 100 دولار.
يقول ستيفن شورك -مؤسس ومحرر “شورك ريبورت” (The Schork Report)، في حوار مع شبكة “سي إن بي سي” (CNBC) الإخبارية- “لن ينجح الأمر لأن الاحتياطي النفطي الإستراتيجي لأي دولة ليس موجودًا من أجل التأثير على الأسعار”، ويضيف “نتوقع أن يصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار”.
ويقول جون كيلدوف -المؤسس المشارك في “أجين كابيتال” (Again Capital)- “بالتأكيد، يمكن لأوبك والسعوديين الفوز في هذه المواجهة لأنهم يحتفظون بجميع الأوراق الرابحة، يمكنهم إبقاء خفض النفط الخام بحجم أكبر من المعروض من احتياطي البترول الإستراتيجي في السوق، إذا انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط لأقل من 70 دولارا، في ذلك الوقت يمكن أن تستجيب أوبك بلس”.
تتضمن الخطة الأمريكية بيع 32 مليون برميل من الاحتياطات البترولية الإستراتيجية بين أواخر ديسمبر وأبريل المقبلين، مع بيع 18 مليون برميل إضافي خلال الأشهر القادمة.
في الأثناء، تستعد أوبك لأسوأ سيناريو ممكن، الذي يتضمن الإفراج عن 66 مليون برميل بين شهري يناير وفبراير القادمين. وصرحت مصادر من أوبك لموقع “أرغوس” بأن معظم الأعضاء لا يرون أي حاجة إلى تعديل الاتفاقية الأصلية التي تنص على رفع الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا، حيث يوجد بند يقضي بوقف الإنتاج بشكل مؤقت لمدة 3 أشهر.
وتمثل دول أوبك 40% من إنتاج النفط الخام عالميا، في حين توفر الولايات المتحدة نحو 18.6%، وروسيا 12%، لذلك فإن دول منظمة أوبك مع روسيا توفر نصف إنتاج النفط في العالم، وستكون الطرف الفائز في أي مواجهة، وفقا للمراقبين.
وتضيف الكاتبة أن تراجع الأسعار خلال الأيام الماضية بسبب السلالة الجنوب أفريقية الجديدة (أوميكرون) من فيروس كورونا لن يستمر على الأرجح فترة طويلة.
ونقلت شبكة “سي إن بي سي” عن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أن العامل “الذي تسبب في ارتفاع الأسعار هو عدم اتخاذ بعض موردي النفط والغاز الرئيسيين موقفا فعالا في هذا الشأن”.
ويضيف أنه “يمكن اعتبار بعض الضغوط في الأسواق اليوم تضييقا مفتعلا، لأننا نرى في سوق النفط اليوم ما يقارب 6 ملايين برميل يوميا من الطاقة الإنتاجية الفائضة التي تقع على عاتق المنتجين الرئيسيين، أي دول أوبك بلس”.
وعملت الوكالة خلال السنوات الأخيرة على دعم جهود التحول نحو الطاقات غير الملوثة، ودعت في وقت سابق هذا العام إلى تعليق جميع الاستثمارات النفطية الجديدة، لكنها حثت المنتجين مؤخرا على زيادة الإنتاج.
من جانبها، رفضت دول “أوبك بلس” حتى الآن جميع الدعوات لزيادة الإنتاج، مؤكدة أنها ستدافع عن مصالحها قبل مصلحة أي طرف آخر، ومن المتوقع -حسب الكاتبة- أن يحمل اجتماع “أوبك بلس” القادم المزيد من الأخبار السيئة لكبار مستهلكي النفط، ومزيدا من الارتفاع في أسعار النفط.
يشار إلى أن أسعار النفط ارتفعت اليوم الاثنين مع بحث المستثمرين عن صفقات رابحة بعد تراجعها الجمعة الماضي، وبفعل تكهنات بأن تجمع “أوبك بلس” ربما يوقف زيادة إنتاج النفط في ظل انتشار سلالة أوميكرون من فيروس كورونا.
وحسب رويترز، فقد قفزت الأسعار أكثر من 4%، معوضة بعض الخسائر بعد أن هوت أكثر من 10% في الجلسة السابقة.
ترجمة: الجزيرة