دمج إيران

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم- وصل، يوم السبت الماضي، إلى فيينا مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، «علي باقري كنى»، للمشاركة في جولة جديدة من مفاوضات «إحياء الاتفاق النووي»، انطلقت أمس الإثنين عقب توقفها في شهر يونيو الماضي، وبمشاركة كل من ألمانيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا، ويُتوقع أن تشارك الولايات المتحدة في المفاوضات بشكل غير مباشر.

والحقيقة أن معادلة الاتفاق النووي مع إيران تقوم على تقييد جذري لبرنامجها النووي يحُول تحت أي ظرف دون قدرتها على امتلاك سلاح نووي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. والحقيقة أن فكرة الاتفاق تعكس تصورًا «إدماجيًّا» تبَنّته أوروبا ومعها الإدارة الأمريكية الديمقراطية (أوباما ثم بايدن)، وتقوم على أن إيران يمكن دمجها في المنظومة الدولية وتحويلها من معارضة من خارج النظام الدولي إلى معارضة من داخله وربما جزء منه.

إن توجه إدارة بايدن يقوم على إمكانية احتواء كثير من الدول والجماعات السياسية داخل المنظومة العالمية، حتى لو اختلفت معها في بعض أو كثير من الجوانب، واعتبار عملية الدمج هذه قادرة على تغيير سلوكها ودفعها نحو الاعتدال.

والمؤكد أن هذه السياسة فيها قدر من المخاطرة، ولكنها تظل أكثر فاعلية من سياسة الإقصاء الكامل، وأن الاحتواء يكون بغرض تغيير السلوك وفرض نمط جديد على الدول والجماعات السياسية من خلال سياسة الترهيب والترغيب، أي أن هناك مكافأة في حال التزمت بالقواعد والشروط الدولية، وهناك عقاب في حال مخالفتها.

وفي حالة إيران تبدو المشكلة أشد تعقيدًا، فإيران ليست دولة عادية لها حضور سياسي وقوة ناعمة في محيطها الإقليمي، مثل كثير من دول المنطقة، إنما هي دولة لها أذرع عسكرية وميليشيات في كثير من الدول العربية، وبالتالي حل مشكلتها مع أمريكا والمجتمع الدولي لن يحل بالكامل مشكلة أذرعها من حزب الله مرورًا بالحوثيين وانتهاء بالميليشيات العراقية المعادية للدولة، حتى لو أثرت عليها.

وهناك أيضًا إسرائيل التي تسعى إلى مواجهة إيران بالقوة المسلحة، وتخريب الاتفاق النووي معها بكل الطرق، ويساعدها في ذلك خطاب المحافظين الإيرانيين (مثل كل المتشددين في الشرق الأوسط)، والذي يعطى إسرائيل منذ عقود هدايا مجانية.

تسعى إدارة بايدن لتحقيق انتصار دبلوماسي وسياسي جديد في مفاوضات فيينا، يُقويها في الداخل وفي الانتخابات القادمة، ويعطيها ورقة نجاح في مقابل فشل سياسة ترامب في الضغوط القصوى في تغيير سلوك إيران، التي لم تنهَرْ كما قال، ولم تتراجع عن برنامجها النووي، ولم تتوقف حتى عن التدخل في شؤون الدول العربية.

دمج إيران في المنظومة الدولية، ولو «كمعارضة من الداخل»، خيار صحيح نظريًّا، ولكنه عمليًّا غير مضمون النتائج، ولكن على الجميع المحاولة من أجل نجاحه، بما فيه العالم العربي، خاصة دول الخليج.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …