بقلم: حمدي رزق – المصري اليوم
الشرق اليوم – «تتحقق مناعة القطيع عندما تتكون مناعةٌ ضد المرض لدى نسبة كبيرة من المجتمع، مما يجعل انتقال المرض من شخص إلى آخر غير مرجح. ونتيجة لذلك يُصبح المجتمع بأكمله محميًّا، وليس فقط أولئك الذين لديهم مناعة».
أعلاه، نظرية «مناعة القطيع»، التي باتت عالميًّا من أبجديات مقاومة كورونا، تحتاج إلى مراجعة شجاعة وضرورية، بالأحرى مراجعة أمينة بعيدًا عن ضغوط منتجي اللقاحات.
متحور كورونا الجديد «أوميكرون» يضرب هذه النظرية في قواعدها، يُحيلها إلى سراب، ومرجعي في هذا الطرح «أنتوني فاوتشي»، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المُعْدِية بالولايات المتحدة، كبير المستشارين الطبيين للرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلى جهة استشارية في العالم.
في مقابلة، (السبت)، مع برنامج «ويك إند توداي»، الذي تبثه شبكة «إن بي سي نيوز» الإخبارية الأمريكية، يصدمنا: «قدرة متحور كورونا الجديد (أوميكرون) على إصابة الأشخاص الذين تعافوا من العدوى، وحتى الأشخاص الذين تم تطعيمهم، تجعلنا نقول إن هذا شيء جد خطير».
تقريبًا عدنا إلى المربع صفر، نفس أجواء بداية الجائحة، الكل مُهدَّد بالعدوى الفيروسية، مُلقَّحًا أو غير مُلقَّح، مَن تعافوا من كورونا، ومَن تم تطعيمهم سواء، العالم تحت وطأة الوباء مجددًا، كورونا يسبق الدفاعات الصحية العالمية دومًا بخطوة، وكلما أنتجنا لقاحًا تحور ليضرب من جديد.
أخطر ما كشف عنه كبير المستشارين الطبيين للرئيس الأمريكي جو بايدن أن «(أوميكرون) أشد خطورة من متحور (دلتا) لأنه يقلل من فاعلية اللقاح ضد مرض (كوفيد- 19)، وعند اختباره سنعرف ما إن كان سيلتف على المضادات الحيوية التي أنتجناها أم لا»!
ترجمة حديث «فاوتشي» أن المتحور الجديد احتمال تَفَلُّته من اللقاحات التي أُنفقت عليها المليارات واستوجبت موافقات متعجلة (طارئ) جميعًا قد تذهب هباء.
مستوجب ابتداء الشجاعة في الاعتراف بالأخطاء الكارثية في تقدير مدى خطورة فيروس كورونا، والتعجل في طرح لقاحات مقاومة لم تتضح معمليًّا بعد، في محاولة اضطرارية لوقف النزيف البشري (الإصابات بلغت ٢٦٢ مليونًا و٤٣٠ ألف، والوفيات ٥٫٦ مليون قبل ٤ ساعات من كتابة هذه السطور مباشرة) «ظهر أمس»!.
أخشى أن الاحترازات، ومنها منع السفر من وإلى جنوب القارة الإفريقية، لن تمنع قدَرًا، مستشار بايدن يقول: «المتحور سيظهر في النهاية تقريبًا في كل مكان، بالنظر إلى درجة قابليته للانتقال».. ما يعني العودة إلى نقطة الصفر!!
خلاصته، نحن في مواجهة متحور فتّاك، أشد خطورة، ينتشر بسرعة فائقة، ويتفلّت من اللقاحات، يقلل فاعليتها، وليس سرًّا أن المركز الأوروبي للسيطرة على الأمراض أعرب عن مخاوفه البالغة من احتمال أن تقلص سلالة «أوميكرون» بشكل كبير من فاعلية اللقاحات المتاحة، وتزيد مخاطر الإصابة مرة أخرى.
الخطير أن معظم دول العالم لم تتخلص بعد من المتحورات الأولى للفيروس، «ألفا» و«بيتا» و«دلتا»، وتكافح ببسالة وفق نظرية مناعة القطيع، أي تعميم اللقاح، وبعض الدول لاتزال خارج مناعة القطيع، بينها وبين المناعة المجتمعية سنوات ضوئية، ولن تحتمل متحورًا بهذه الشراسة، أخشى أن الأمر يستوجب إغلاقًا عالميًّا، وهذا ما لا يحتمله البشر، خاصة في أعياد الميلاد.