الشرق اليوم– أكد رئيس حكومة نظام طالبان وأحد مؤسسي الحركة، محمد حسن أخوند، في خطاب مسجل بث يوم أمس السبت، أن حكومته “لن تتدخل” في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن النظام يريد “علاقات سلمية مع بقية العالم”، مناشدا المنظمات الإنسانية الدولية مواصلة تقديم مساعداتها لأفغانستان التي أنهكتها الحروب.
وفي خطابه الذي استمر حوالى 30 دقيقة وسط انتقادات طالته على وسائل التواصل الاجتماعي للزومه الصمت منذ سيطرة الإسلاميين، رغم المصاعب التي تواجهها البلاد، قال أخوند “نؤكد لكل الدول أننا لا نريد أن نتدخل في شؤونها الداخلية وأن نخلق لها مشاكل وانعداما للأمن، ولا يمكن لأحد أن يثبت أننا فعلنا ذلك على مدى السنوات العشرين الماضية”، مشددا على “أننا نريد إقامة علاقات اقتصادية جيدة معها”.
وأضاف “نحن غارقون في مشاكلنا، ونحاول استجماع قوانا لإخراج شعبنا من البؤس والمصاعب بعون الله”.
ووصلت طالبان إلى السلطة في 15 أغسطس، بعد الانسحاب السريع للجيش الأميركي وإطاحة الحكومة السابقة المدعومة من واشنطن.
وكانت الولايات المتحدة أطاحت نظام طالبان السابق، بعد غزوها أفغانستان عقب هجمات سبتمبر 2001 التي نفذها تنظيم القاعدة. واتخذ مؤسس التنظيم أسامة بن لادن حينذاك من أراضي البلاد معقلا له.
وأخوند الذي يعتقد أنه في الستينات من العمر هو من قدامى محاربي طالبان، وكان مساعدا مقربا ومستشارا سياسيا للملا عمر مؤسس الحركة وأول زعيم لها، كما شغل منصب وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء في النظام السابق للحركة بين عامي 1996 و2001.
وسبق أن أدرج مجلس الأمن الدولي أخوند على قائمة العقوبات الخاصة بـ”أنشطة” طالبان.
مناشدة للمساعدة
تواجه حكومة أخوند سلسلة تحديات، أبرزها إحياء اقتصاد البلاد المنهار بعد توقف المساعدات الدولية التي كانت تشكل 75 بالمئة من ميزانية البلاد في ظل الحكومات السابقة.
ومنذ استيلاء طالبان على السلطة، ارتفع معدل التضخم بشكل كبير وكذلك البطالة بين الأفغان، وسط انهيار النظام المصرفي.
وتفاقمت الأزمة بعد تجميد واشنطن حوالى 10 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني، وازداد التراجع مع وقف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تمويلهما لأفغانستان.
وحذرت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة من أزمة إنسانية كبيرة في أفغانستان التي يتوقع أن يواجه أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 38 مليون نسمة الجوع هذا الشتاء.
وأجبر الوضع المتدهور بسرعة الأفغان على بيع كل ما يملكونه لشراء مواد غذائية ومستلزمات ضرورية أخرى، مع انهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار.
وقال أخوند في كلمته “نطلب من كل المنظمات الإنسانية الدولية عدم وقف مساعداتها، وتقديم العون لأمتنا المنهكة حتى يكون بالإمكان حل مشاكل الناس”، مشددا على أن المشاكل التي تواجهها البلاد هي نتيجة سياسات الحكومات السابقة.
ويعد الاقتصاد الأفغاني أحد أفقر الاقتصادات في العالم، وقد قوضته 40 سنة من الحرب، بالإضافة إلى موجات من الجفاف شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة.
في الدوحة، ستطالب طالبان مجددا برفع العقوبات واستئناف المساعدات الدولية للحيلولة دون وقوع غالبية الأفغان في براثن الفقر والمجاعة.
ومع محاولات طالبان الحثيثة تثبيت نفسها كنظام حاكم، تواجه الحركة المتطرفة تحديا آخر خطرا يمثله تنظيم داعش الذي نفذ هجمات دامية عدة في الآونة الأخيرة.
وتهدف محادثات الولايات المتحدة وطالبان في الدوحة إلى التعامل مع قضايا عدة، مثل مواجهة تهديدي القاعدة وتنظيم داعش، إضافة إلى حل مشكلة وقف المساعدات الإنسانية لأفغانستان.
وستركز المحادثات أيضا على سبل توفير ممر آمن خارج أفغانستان للمواطنين الأميركيين والأفغان الذين عملوا مع واشنطن خلال الحرب التي استمرت 20 عاما.
وتشدد واشنطن على ارتباط أي دعم مالي أو دبلوماسي لحكومة طالبان بشروط معينة مثل تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع القوى، واحترام حقوق الأقليات والنساء وحق الفتيات في التعليم.
وقال أخوند “تم استئناف ذهاب الفتيات إلى المدارس إلى حد كبير، وهناك أمل بمزيد من التسهيل في مجال التعليم”، مشيرا إلى أن النظام التعليمي سيكون موجها وفق مبادئ الشريعة الإسلامية.
المصدر: فرانس برس