صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – بعد أقل من عام على تعيينه، وقبل شهر من موعد الانتخابات الرئاسية الليبية المقررة يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، قدم المبعوث الأممي إلى ليبيا، السلوفاكي يان كوبيش استقالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الذي «قبلها بكل أسف»، كما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الذي قال إن الأمين العام يعمل على إيجاد بديل مناسب.
ورغم أن كوبيش لم يعلل أسباب استقالته، إلا أن دوجاريك أشار إلى أن الاستقالة «لم تكن مفاجئة بالكامل»، لكن المفاجأة كانت في توقيتها على أبواب مرحلة مهمة من الجهود الدولية لتنفيذ «خارطة الطريق» التي من المفترض أن تؤدي إلى إخراج ليبيا من دائرة الحرب الأهلية والصراعات الإقليمية والدولية الدائرة على أرضها منذ عشر سنوات.
لا شك أن الاستقالة سوف تلقي بظلالها على مجمل الوضع الليبي، وتطرح تساؤلات حول مستقبل الانتخابات، ومجمل العملية السلمية هناك. فالرجل كانت له مواقف واضحة تجاه الانتخابات، ليس من حيث العمل على إجرائها في موعدها، فهو كان من أشد المؤيدين لها، لكن في كل الاجتماعات التي شارك فيها خارج ليبيا وداخلها، وفي إحاطاته المتوالية أمام مجلس الأمن، كان يؤكد على ضرورة إخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة قبل الانتخابات لضمان نزاهتها وشفافيتها، لأنه كان يرى في هذا الوجود انتقاصاً لسيادة ليبيا واستقلالها، نظراً لطبيعة وجودها وعلاقاتها بالمكونات الليبية المنخرطة في الانتخابات.
يبدو أن الرجل لا يريد أن يسجل على نفسه أنه كمبعوث دولي سوف يكون شاهداً على انتخابات مشكوك في نزاهتها وشفافيتها، بعد أن فشل في جهوده للتوصل إلى اتفاق مع الدول المعنية برحيل القوات الأجنبية عن ليبيا قبيل موعد الانتخابات، مع الإشارة إلى أنه كان يشكو من التراخي الدولي في وضع القرارات بإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة موضع التنفيذ.
من الواضح أن الأزمة الليبية بتعقيداتها الإقليمية والدولية والمحلية بدت كأنها عصية على الحل رغم التقدم الذي تحقق حتى الآن، لكنه تقدم لا يكفي لوضع ليبيا على سكة الحل السياسي الدائم، لأن عقبات كثيرة لا تزال تحول دون ذلك، مثل المصالحة الوطنية الشاملة، وتوحيد القوات المسلحة، وحل الميليشيات المحلية أو دمجها في أجهزة الأمن، إضافة بالطبع إلى العقدة الكبرى المتمثلة بالوجود العسكري الأجنبي.
لقد استهلكت الأزمة الليبية منذ تفجرها عام 2011 تسعة ممثلين للأمم المتحدة حتى الآن، هم: وزير الخارجية الأردني الأسبق عبد الإله الخطيب، والدبلوماسي البريطاني إيان مارتن، والوزير اللبناني الأسبق طارق متري، ثم الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون، والدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر، ثم الوزير اللبناني الأسبق غسان سلامة، وبعده الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف، فالأمريكية ستيفاني وليامز، وصولاً إلى المبعوث كوبيش، وهو آخر كبش فداء للأزمة الليبية.
جوتيريس سيعمل سريعاً على اختيار خلف لكوبيش.. فمن سيكون «الكبش» العاشر؟