بقلم: رندة تقي الدين – النهار العربي
الشرق اليوم – يعقّد إعلان ترشح رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد دبيبة للرئاسة الأمور، لأن القانون الليبي للترشح يتطلب ترك أي مسؤول في الدولة وظيفته قبل ثلاثة أشهر من ترشحه، فيما لا يزال الدبيبة رئيساً للحكومة.
وكانت باريس قد استضافت مؤتمراً دولياً حول ليبيا في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، حيث نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جمع رئيسي المجلس الرئاسي محمد المنفي والحكومة عبد الحميد الدبيبة ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، التي أثارت غضب المنفي الذي علق مهامها، ولم يقبل الدبيبة ذلك فحضرت إلى باريس. وشكت المنقوش أمام المشاركين الدوليين من أن المنفي أذلّها أمام ماكرون. ولكن رغم هذه الحوادث نجح الرئيس الفرنسي وشركاؤه الأوروبيون في المؤتمر في دفع الليبيين إلى توقيع وثيقة بالتزام الانتخابات في 24 كانون الأول (ديسمبر) وبالمطالبة بخروج القوات الأجنبية، ولو أن الجانب التركي، الممثل في المؤتمر، رفض التوقيع على خروج القوات الأجنبية من البلد.
أسابيع قبل الانتخابات المقررة في 24 كانون الأول، تعددت الترشيحات التي تعقد الأمور، فترشيح الدبيبة قد يؤدي إلى المزيد من التوتر مع المنفي. كما أن إعلان ترشح سيف الإسلام معمر القذافي يجعل المصادر الدبلوماسية تتساءل: كيف يمكن ترشح مسؤول سابق مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم في ليبيا؟ وترى مصادر دبلوماسية غربية أن روسيا تدعم القذافي وتعمل معه منذ مدة.
وتضم لائحة المرشحين، التي أقفلت الأثنين، القائد العسكري خليفة حفتر الذي يسيطر في الشرق الليبي، ووزير الداخلية السابق فتحي بشاغا ورئيس البرلمان عقيلة صالح. وترفض شخصيات في غرب ليبيا مبدأ حصول الانتخابات في إطار القانون الحالي، وخاصة ترشح حفتر. من بين هؤلاء رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ومفتي ليبيا المعزول من جانب مجلس النواب الصادق الغرياني. وهذا بحسب مصادر غربية موضوع جدل، لأن المجلس الأعلى للدولة من حقه الاستشارة، ولكنه لا يملك حق الفيتو.
لكن أكثر ما يزعج رافضي الانتخابات هو ترشح حفتر وتخوفهم من أن بإمكانه الفوز في الانتخابات. وباريس، بحسب المصادر الغربية، أيّدت قانون مجلس النواب لأنها ترى أنه القانون الوحيد الذي يفتح المجال للانتخابات، والدول الغربية التي شاركت في مؤتمر باريس أيّدت ذلك، ولو أنها تعترف بأن هناك جدلاً في قانون مجلس النواب.
وتشكك المصادر في تنفيذ حفتر ما أعلنه عن طرد بعض القوات الأجنبية من ليبيا عشية مؤتمر باريس، وذلك في مبادرة حسن نية تجاه الفرنسيين، خصوصاً أن الموفد الفرنسي الى ليبيا بول سوليرز، المقرب من الرئيس ماكرون، والسفيرة الفرنسية في ليبيا تربطهما علاقة قوية بحفتر، علماً أن جميع شركاء حفتر العرب والغربيين، بحسب المصادر، يقولون إنه صعب جداً وعنيد. وهو كان يمنع الدبيبة من التوجه إلى بنغازي.
وترى المصادر الغربية أنه رغم التقدم الذي أحرزه مؤتمر باريس، فإن المستقبل القريب في ليبيا قد يكون لحل سياسي قائم على سيناريو الواقع الحالي، إذ إن هناك تقسيماً واقعاً قد يستمر، ولو أن البعض يرفض هذا السيناريو. وفي نظر الغرب، فإن توحيد ليبيا بإمكانه أن يتم بشرعية الانتخابات. فإذا تم انتخاب رئيس من الشعب فبإمكانه توحيد المؤسسات، وهو مفتاح الحل مع الوقت. وبعض الشخصيات التي تعوّق تنظيم الانتخابات قد تتعرض لعقوبات أميركية، ومنها المشري والمفتي المعزول الغرياني. أما الموقف الروسي فيظهر أنه أصبح مزدوجاً، بعدما كان عبر القوات العسكرية فقط في الشرق، والروس يعملون الآن مع الحكومة القائمة وهم مستمرون في إبقاء قواتهم العسكرية.