الرئيسية / مقالات رأي / عودة «حمدوك»

عودة «حمدوك»

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – عاد عبدالله حمدوك إلى موقعه رئيسًا لوزراء السودان بعد مظاهرات واحتجاجات شعبية واسعة سقط فيها عشرات الشهداء، وتواكبت معها ضغوط خارجية طالبت رئيس المجلس السيادي بالعودة إلى خريطة الطريق.
وبمقتضى «الاتفاق السياسي» الذي وُقِّع بين «البرهان» و«حمدوك»، عاد الأخير إلى موقعه، وجارٍ الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، وفي نفس الوقت لايزال هناك تكتل شعبي رافض له يتمثل في قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وتجمع المهنيين والحزب الشيوعي السوداني.
وأصبحنا أمام مشاهد تكررت في أكثر من بلد عربي أبطالها الجيش والتيار الثوري والقوى التقليدية والمحافظة والتيارات الإصلاحية.
وقد رفضت القوى الثورية أي اتفاق مع الجيش، ووصفته بـ«شراكة الدم»، وطالبت بإقصاء كامل للمكون العسكري من المرحلة الانتقالية، وهو مطلب لا يمكن للجيش وحاضنته الشعبية أن يقبلا به، ويمثل صيغة إقصائية لأحد شركاء المرحلة الانتقالية، وهو المكون العسكري، حتى لو أن قادته هم مَن خرقوا اتفاق الشراكة أولًا.
ومنذ توقيع الاتفاق، أمس الأول، وهناك مظاهرات رافضة له وتدين موقف «حمدوك»، بعد أن كانت ترفع صوره في المظاهرات السابقة، وهو ما سيدفعه إلى أن يكون أقرب لحاضنة الجيش الشعبية، وسيعني خسارة ورقة مهمة في يد المكون المدني من الصعب تعويضها، وتكريس صورة سلبية عن قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بأنها فقط صوت رفض واحتجاج وليست صوت بناء يمتلك بدائل للحكم.
يقينًا، الصوت الاحتجاجي والثوري مطلوب، ولولا ضغوط هذه القوى لما تراجع «البرهان»، ولكنه يمثل نصف الطريق لأنه قد يُسقط النظام القديم ولكنه لن يبني جديدًا، والمطلب المشروع للقوى المدنية بإصلاح المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ودمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي لا يتحقق على يد قوى سياسية غير منتخبة، وفي صراع مفتوح مع المؤسسة العسكرية، وهو أمر لا يمكن أن يقبله أي جيش في العالم.
«الإصلاح المؤسَّسي» شرط أساسي لبناء دولة القانون والديمقراطية، ولكنه يتطلب شروطًا، منها إصلاح كل المؤسسات وليس بعضها، كما يتطلب سلطة منتخبة قادرة على إقناع العاملين في هذه المؤسسات بأن عملية الإصلاح ستفيدهم كما ستفيد المجتمع، ولا تقوم على استهدافهم.
دعم «حمدوك» قد يمثل فرصة أخيرة لنجاح المرحلة الانتقالية، وإجراء انتخابات، نتمنى أن تكون العام القادم، ويجب أن يقتنع الجميع بأنه لا توجد ثورة أو تجربة تغيير واحدة في نصف القرن الأخير (بعيدًا عن النظريات الثورية التي يستدعيها البعض من متاحف التاريخ) حققت أهدافها بالضربة القاضية، إنما هي معارك بالنقاط، وهذا الخطاب الرافض للجيش ولـ«حمدوك» ولحزب الأمة وللقوى القبلية والمحافظة سيفتح الباب على مصراعيه لرِدّة كاملة لصالح الاستبداد، أو السقوط في خطر الفوضى نتيجة تعمق حالة الاستقطاب السياسي وضعف مؤسسات الدولة.
حفظ الله شعب السودان، ووفّقه في بناء دولة مدنية ديمقراطية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …