بقلم: يونس السيد – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – «نصف الانتصار» الذي حققه جو بايدن في تمرير الشق الأول من خطته المسماة «أمل أمريكا» في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، قابله فوز واضح للجمهوريين في الانتخابات المحلية لولاية فرجينيا، وهزيمة مدوية للديمقراطيين في هذه الولاية التي استثمروا فيها الكثير على مدار السنوات الماضية، سيكون لها ما بعدها على صعيد عودة الجمهوريين للسيطرة على مجلسي الكونجرس، وربما ما هو أبعد من ذلك.
صحيح أن خطة بايدن المتعلقة بإعادة ترميم البنى التحتية، والبالغة كُلفتها نحو 1.2 تريليون دولار حظيت بأغلبية مريحة (228 صوتاً) في مجلس النواب، بعد انضمام عشرة أعضاء جمهوريين لتأييدها، إلا أن خطته الاستثمارية الثانية وهي الأضخم؛ حيث تبلغ قيمتها 1.75 تريليون دولار وترمي لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية ومكافحة الاحتباس الحراري لا تزال معلقة، وهناك خلافات حتى داخل الحزب الديمقراطي بشأنها، وهو ما منع بايدن من تحقيق انتصار كامل هو أحوج ما يكون إليه لإعطاء دفعة قوية لعهده، خصوصاً في ظل تراجع شعبيته الكبير، بحسب استطلاعات الرأي.
والأسوأ هو أن فوز الجمهوريين بولاية فرجينيا مثّل ضربة قوية للديمقراطيين في هذه الولاية التي منحتهم تقدماً بفارق 10 نقاط مئوية في الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية، وبالتالي لا يمكن المرور عليها بشكل عابر، خاصة وأن تداعياتها أحدثت «زلزالاً» في الداخل الأمريكي، بحسب المراقبين، خصوصاً بالتزامن مع تقدم ملحوظ للجمهوريين في ولايات أخرى بينها نيويورك وواشنطن، ما يؤشر على تراجع سطوة الحزب الديمقراطي ويطرح أسئلة كثيرة حول قدرة الديمقراطيين على مقارعة الجمهوريين إذا ما فقدوا الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب خلال الانتخابات النصفية المقبلة.
كثير من المحللين يعدون أن خسارة الديمقراطيين لمنصب حاكم ولاية فرجينيا تعد «لعنة سياسية» للديمقراطيين باعتبارها مفتاح عودة الجمهوريين للسيطرة على مجلسي الكونجرس والنواب، وربما الفوز بالانتخابات المقبلة. ويدلل هؤلاء على أن الديمقراطيين خسروا ولاية فرجينيا في انتخابات عام 2009، وفي العام التالي فقدوا الأغلبية على الكونجرس الخاص بالولاية بعد فوزهم فيها أربع مرات متتالية. والأمر لن يتوقف على خسارة منصب الحاكم، وإنما يؤشر لإمكانية خسارة مقاعد إضافية للديمقراطيين في المجلسين، وتناقص أعداد ممثليهم لدعم الشق الآخر من خطة بايدن، ناهيك عن أنه في حال استعادة الجمهوريين السيطرة على الكونجرس، فإنه سيتم تقييد حركة بايدن وإدارته في معظم الملفات الحساسة.
وبينما يمثل فوز الجمهوريين بولاية فرجينيا فرصة لإعادة ترميم الحزب، فإنه يضفي مزيداً من الارتباك والفوضى على الخطاب السياسي للديمقراطيين، ويتيح المجال لظهور تكتلات ذات توجهات «أكثر ليبرالية»، كما هو حال «التكتل التقدمي» الذي بات يضم نحو 100 عضو في مجلس النواب. أمر آخر قد يكون في غاية الأهمية وهو أنه في حال فوز الجمهوريين بالانتخابات النصفية، فإن ثمة احتمالاً وارداً بأن يلجأ هؤلاء إلى طرح أهلية بايدن العقلية على بساط البحث، أو حتى تفعيل المادة 25 من الدستور لتنحيته، ما يعني أن مصير بايدن سيكون معلقاً حصراً بالحزب الجمهوري.