الرئيسية / مقالات رأي / “اللعب” الأميركي بورقة تايوان… هل ينتهي بغزو صيني؟

“اللعب” الأميركي بورقة تايوان… هل ينتهي بغزو صيني؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم – قفزت تايوان في السنوات الأخيرة إلى واجهة الاهتمام الأميركي، على رغم الحساسية التي تمثلها الجزيرة بالنسبة إلى الصين، التي يزداد لديها الارتياب وتتعاظم الشكوك حيال إمكان وجود نية أميركية لتغيير الوضع القائم منذ عام 1979.    

وبعث الرئيس الصيني شي جين بينغ برسالة حاسمة خلال القمة الافتراضية التي عقدها مع الرئيس الأميركي جو بايدن في 15 الشهر الجاري، عندما حذر صراحة من أن “هذا الاتجاه (الأميركي) خطير جداً وهو كاللعب بالنار”.    

ومعلوم أن واشنطن تعترف بسيادة بكين على تايوان بموجب “قانون العلاقات مع تايوان”، وهو تشريع سنّه الكونغرس الأميركي في 1979، ويحكم العلاقة بين الولايات المتّحدة وكلّ من الصين وتايوان. ويلزم القانون الإدارة الأميركية بأن تعترف بصين واحدة فقط، وأن تزوّد في الوقت نفسه تايوان بالأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها. 

وإلى دعمها تايوان بالسلاح، فإنّ الولايات المتحدة تحافظ على ما تسميه “الغموض الاستراتيجي”، أي أنّها لا تعلن صراحة ما إذا كانت قواتها ستتدخّل للدفاع عن الجزيرة أم لا.    

وكشفت صحيفة “الوول ستريت جورنال” الأميركية في عددها الصادر في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عن انتشار جنود أميركيين سراً في تايوان منذ ما يقرب من العام. وتعود جذور التوتر الحالي إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي تلقى أول اتصال تهنئة بانتخابه عام 2016، من الرئيسة التايوانية تساي إنغ-وين. وكان ذلك بمثابة أول تحدٍ لـ”سياسة صين واحدة”، الذي وضع أسس العلاقات الأميركية – الصينية منذ عام 1972.  

وكرت سبحة إجراءات أخرى على غرار إرسال وفود رفيعة المستوى، وزيادة مبيعات الأسلحة، لا سيما عقداً لشراء مقاتلات “إف-16 في”، وإنجاز مجمع ضخم للممثلية الأميركية في تايبه عام 2018 بكلفة 255 مليون دولار في ما يشبه السفارة. وتبحر السفن الحربية الأميركية تكراراً في مضائق تايوان.   

وكان بايدن أول رئيس أميركي يدعو ممثلاً لتايوان إلى حضور مراسم تنصيبه منذ عام 1979.     

وخلال زيارة قام بها لولاية نيوهامبشر غداة القمة الافتراضية التي جمعته مع الرئيس الصيني، سئل بايدن عمّا إذا كان قد جرى خلال القمة إحراز أيّ تقدّم في شأن قضية تايوان، فأجاب “نعم”. لكنه أضاف قائلاً :”إنها مستقلّة. هي تتّخذ قراراتها بنفسها”، في إشارة على ما يبدو إلى تايوان. لكن بايدن سارع إلى إيضاح كلامه قائلاً: “نعم. لقد قلنا بوضوح تام إنّنا نؤيّد (قانون تايوان) وهذا كلّ شيء”.   

وكان بايدن قد أثار لغطاً مماثلاً في تشرين الأول، حين قال إنّ الولايات المتحدة مستعدّة للتدخّل إذا هاجمت الصين الجزيرة. وأتى هذا التصريح الملتبس بعد تصريح أول مماثل أدلى به الرئيس الأميركي في آب (أغسطس). وفي كلتا الحالتين سارعت الدبلوماسية الأميركية للتأكيد أنّ موقف واشنطن من هذا الملفّ لم يتغيّر.

ودفعت الإجراءات والتلميحات الأميركية حيال تايوان، الصين إلى عروض قوة قرب الجزيرة، وخصوصاً تحليق طائرات حربية هجومية وقاذفات. وتزايدت في الآونة الأخيرة المواقف الصينية المحذرة من إرسال إشارات أميركية خاطئة قد تشجع تايوان على إعلان استقلالها.   

وسواء كان بايدن أم ترامب من قبله، فإنهما يستخدمان قضية تايوان لاسترضاء جماعات اليمين ومشرعين أميركيين ممن يدعون إلى توطيد العلاقات أكثر بتايوان، وإلى إرسال إشارة لا لبس فيها إلى الصين، مفادها أن واشنطن لن تسمح لبكين بغزو الجزيرة وضمها. 

وفي الواقع، فإن تايوان ليست سوى ملف واحد من الملفات الخلافية بين أميركا والصين، من التجارة إلى هونغ كونغ إلى شينجيانغ إلى الوجود العسكري في بحر الصين الجنوبي، وإلى بعث واشنطن سياسة الأحلاف في المحيطين الهادئ والهندي في مواجهة الصعود الصيني. 

ولا يخفي بايدن أن كسب المنافسة “الشرسة” مع الصين، هو الذي سيحدد ما إذا كان القرن الحادي والعشرين، سيكون هو الآخر قرناً أميركياً.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …