الرئيسية / مقالات رأي / السودان.. كفى

السودان.. كفى

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – بعد قرارات 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في السودان، وما تلتها من أحداث مؤسفة، ومواقف دولية رافضة لتلك القرارات، وداعية إلى العودة إلى المسار الديمقراطي، لتجنيب البلاد المزيد من المآسي والأزمات التي لم تعد قادرة على تحمّلها، كان لا بد من العودة إلى الحوار والاتفاق على حلول سياسية إنقاذية من خلال التخلي عن منطق الإقصاء، وولوج الطرق التي تضمن حقوق كل الأطراف كشركاء فعليين في استكمال مشوار الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق عمر البشير، وزبانيته من جماعة «الإخوان المسلمين» الذين استباحوا السودان وحوّلوه إلى مزرعة للفساد ونهب مقدرات البلاد.

كانت الثورة في خطر حقيقي، وكان الخوف على السودان يتعاظم إزاء التطورات التي أعقبت تلك القرارات، بل كان هناك خوف فعلي من الانجرار إلى حرب أهلية قد تُدخل السودان في أتون النار والدم من جديد، وهو لم يشفَ بعد من جروح العهد السابق، ولا من حروب متفجرة استمرت نحو ستين عاماً، حصدت ما يقرب من أربعة ملايين إنسان، وشرّدت أكثر من عشرة ملايين، في الجنوب ودارفور وكردفان والنيل الأزرق، وغيرها من المناطق.

الإمارات التي تقف دوماً مع السودان، جددت موقفها الثابت بعد الاتفاق السياسي المعلن، أمس، مؤكدة ثقتها بقدرة الشعب السوداني الشقيق على تجاوز المرحلة الراهنة في ظل التوافق الدستوري، وصولاً إلى تحقيق تطلعاته إلى الاستقرار والتنمية.

لم يكن السودان بحاجة إلى كل ما حصل منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ كان يمكن تجسير الخلافات بين شركاء الثورة، من عسكريين ومدنيين، من خلال الحوار، لإبقاء جذوة الثورة التي كانت حصيلة ستة أشهر من الحراك الشعبي ضد نظام البشير، وأدت إلى سقوط عشرات الضحايا.

الإعلان أمس عن اتفاق بين المكوّن العسكري لمجلس السيادة الانتقالي ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك على عودته إلى منصبه، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتشكيل حكومة كفاءات لا حزبية من دون استثناء أيّ طرف، على أن تكون الوثيقة الدستورية هي أساس المحادثات، قد يكون مقدمة للتسوية، ويفتح باباً أمام الحل الذي يعيد الأمن للسودان، والحؤول دون تفويت فرصة صناعة سلام حقيقي قائم على المشاركة من خلال أجندة وطنية خالصة، بعيدة عن المحاصصات الضيقة، وتضع حداً نهائياً للاستفراد بالسلطة، وتعيد السودان إلى المسار الديمقراطي الحقيقي، من خلال حكومة مدنية غير مقيّدة، وقادرة على تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يحتاج إليها السودان حالياً، وتمكينه من الحصول على المساعدات الدولية التي كانت العديد من الدول والمؤسسات تعهدت بتقديمها، ثم قررت بعد قرارات 25 أكتوبر تعليقها.

وإذا كانت بعض القوى السودانية ترفض هذا الاتفاق وتعتبره «غير شرعي»، وتدعو إلى استمرار الاحتشاد والاحتجاج إلى حين «تأسيس سلطة مدنية انتقالية»، فإن ذلك يعني أن البديل هو المزيد من العنف والمواجهات والتحديات، خصوصاً أن ما سقط من ضحايا خلال الأسابيع القليلة الماضية يزيد على أربعين شخصاً، وهذا وحده دليل على أن المضي في الرفض يعني المزيد من الدم، وتقليص فرص أية تسوية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …