الرئيسية / مقالات رأي / لإنقاذ العراق

لإنقاذ العراق

الشرق اليوم– يُحسَب لرئيس التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر جرأته في الخروج من عباءة الطائفية والمذهبية المقيتة، والتحالفات المرتكزة على المحاصصة الطائفية، وتمسكه بعروبة العراق كوطن ينتمي إلى أمته ومحيطه العربيين. كما يُسَجل له أنه على الرغم من انتمائه إلى بيت ديني عريق فقد تمكن من تجاوز هويته الفرعية بالدعوة دائماً إلى المواطنة الجامعة لكل العراقيين بمعزل عن أي انتماء طائفي أو مذهبي أو إثني.

من هنا يمكن أن نفهم مقبوليته الشعبية وقدرة تياره على أن يحتل المرتبة الأولى بين الفائزين في انتخابات العاشر من الشهر الماضي بحصوله على 74 مقعداً في البرلمان الجديد، ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا يقف لفيف الخاسرين الذين وجدوا في نتائج الانتخابات خسارة لكل طروحاتهم، بل خسارة لمواقعهم التي كرسوها من خلال محاصصة طائفية وجدوا فيها ضالتهم للسلطة والهيمنة، في مواجهته، مستندين إلى مصادر قوة حصلوا عليها خلال السنوات الماضية عبر تنظيمات الحشد الشعبي التي شاركت في دحر إرهاب “داعش”، بناء على فتوى المرجعية الدينية الممثلة بالسيد السيستاني، لكنهم حوّلوها فيما بعد إلى مطية للحكم والسلطة وخدمة الارتباطات الخارجية.

من هنا أيضاً قراره الأخير بحل لواء “اليوم الموعود” التابع له، وإغلاق كل مقارّه وتسليم كل أسلحة أفراده خلال 48 ساعة، “عسى أن تكون هذه الخطوة بداية لحل الفصائل المسلحة وتسليم أسلحتها وإغلاق مقارّها” كما قال. وكان اللواء المذكور تشكل العام 2008 لمواجهة قوات الاحتلال الأمريكي، ثم تم حلّه بعد ذلك، وأعيد تفعيله لمواجهة تنظيم “داعش”.

هذا القرار يأتي في إطار رؤيته بإنهاء وجود التنظيمات المسلحة، وبأن تكون السلطة للدولة فقط، لذلك دعا إلى “تصفية الحشد الشعبي من العناصر غير المنضبطة وعدم زج اسم الحشد في السياسة، وقطع العلاقة مع الدول بما يحفظ للعراق استقلاليته، وعدم إدخال العراق في حروب خارجية لا طائل منها”، وهنا يقصد العلاقة التي تربط بعض أطراف الحشد بإيران.

ثم وجّه رسالة إلى الأحزاب والقوى التي خسرت الانتخابات داعياً إياها “لتشكيل حكومة أغلبية وطنية”، وطالب الراغبين بالمشاركة في الحكومة إلى “محاسبة المنتمين لهم ممن تحوم شبهات فساد حولهم، وتسليمهم إلى القضاء النزيه للوقوف على الحقائق”.

يذكر أن النتائج الرسمية للانتخابات لم تعلن بعد، جرّاء الطعون التي تقدم بها الخاسرون، وإعادة الفرز اليدوي للأصوات في مئات المراكز، في حين تتواصل المشاورات بين مختلف الكتل السياسية في محاولة لتشكيل الحكومة الجديدة، من دون أن تتضح حتى الآن ملامح هذه الاتصالات، وما إذا كان إعلان النتائج رسمياً سوف يؤدي إلى قبولها، أم أن القوى الخاسرة سوف تنتقل من الاحتجاجات في الشارع، وخصوصاً في المنطقة الخضراء إلى التصعيد. وهذا ما قصده الصدر محذراً “لا ينبغي أن تكون خسارتكم مقدمة لخراب العملية الديمقراطية”، بل إلى خراب العراق مجدداً.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …