افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – تجري الانتخابات الرئاسية الليبية يوم 24 ديسمبر(كانون الأول) المقبل، على أن تعقد الانتخابات التشريعية في يناير (كانون الثاني) وفقاً للتعديل الذي أجراه مجلس النواب، إذ كان مقرراً أن تجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية بشكل متزامن. كما بدأت المفوضية العليا للانتخابات بتلقي أسماء المرشحين للرئاسة يوم الثامن من الشهر الحالي، كذلك تواصل المفوضية عملها لتوفير كل مستلزمات الانتخابات، في حين تصرّ معظم دول العالم على إجراء الانتخابات في موعدها، ودعمها لها، وتحذر معرقليها بمواجهة عقوبات.
لكن رغم الاستعدادات اللوجستية، وبدء تسلم الترشيحات، والاجتماعات الدولية لدعم عملية الانتخابات، فإن هناك شكوكاً ما زالت قائمة حول إجرائها. فهناك خلافات ما زالت قائمة حول موعد الانتخابات، وحول القانون الذي تم اعتماده لها، بل حول الانتخابات من أساسها. وهناك خلافات بين الشرق والغرب، ومؤسستي مجلس رئاسة الدولة والحكومة، كما أن الميليشيات المسلحة «الإخوانية» ما زالت تعارضها، وتهدد بتعطيلها، إضافة إلى استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة على الأراضي الليبية، رغم الحديث عن انسحاب 300 مرتزق من الشرق، ومثلهم من الغرب، ثم بروز انقسام داخلي حول ترشيح بعض الشخصيات الليبية مثل المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي.
كل ذلك يترك ستاراً ضبابياً حول إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها، وبالشروط التي تضمن شفافيتها ونزاهتها، وتفتح أبواب الحل السلمي للأزمة التي تحولت إلى صراع إقليمي ودولي طال أمده، وأودت بحياة آلاف الليبيين، وأهدرت مقدرات وثروات ليبيا، وتركت البلاد تتشظى بين شرق وغرب، وميليشيات وقوات أجنبية.
هناك مرشحون كُثر للرئاسة، وقد يزداد العدد في الأيام القادمة، وهو حق لكل مواطن ليبي يجد لديه القدرة على خدمة ليبيا وإنقاذها من مأساتها، واستعادة سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وترسيخ الوحدة الوطنية بين مختلف مكوناتها الاجتماعية والقبلية والسياسية والأمنية.
لكن، وفي حال إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعديهما، من يضمن أن يلقى الفائز قبولاً شاملاً، والخلافات حول العديد من المترشحين على أشدها من الآن، فهناك من يشكك بأهلية البعض، وهناك من يرى في ترشيح البعض الآخر تحدياً له؟ خصوصاً أن البلاد لم تخرج بعد من وهدة الانقسام، ولم تتعاف من الصراعات الجهوية والقبلية، لأن الجهود التي بذلت خلال الأشهر القليلة الماضية لتكريس الوحدة الوطنية لم تلق النجاح المطلوب.
إضافة إلى ذلك، فإن نتائج الانتخابات بفرعيها سوف تلغي وجود مكونات سياسية وميليشياوية استمرأت الحرب والانقسام، وعاشت على الخوّات ونهب مقدرات الدولة، والاتّجار بالبشر من خلال تهريب المهاجرين بحراً إلى أوروبا. فهل هذه المكونات ستتنازل عن دورها ومكاسبها مجاناً.؟
كلها أسئلة مشروعة وسط معمعة انتخابات لم يتم بعد حسمها.