بقلم: سوزان ريناو – اندبندنت عربية
الشرق اليوم– فيما نقترب بسرعة من فصل الشتاء، تقطع المملكة المتحدة الآن شوطاً مهماً في إعداد خطط واستعدادات حرصاً على صمود نظامها الصحي بما يكفي، ليس فقط أمام الأعباء الصحية التي يفرضها هذا الموسم، إنما أيضاً أمام خطر من المجهول.
خطة الحكومة البريطانية للخريف والشتاء طرحت تدابير عدة حاولت فيها ألا تسمح لتأثير “كوفيد- 19″، الذي نجحت حملة التطعيم ضد كورونا في المملكة المتحدة في احتوائه، بأن يفرض وزراً كبيراً على “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” (NHS “أن أتش أس”) المنهكة أصلاً والتي تعمل فوق طاقتها [حركة الطلب عليها تفوق قدرتها].
لكن قادة في مجال الصحة يدركون أيضاً أن الشكوك بشأن تأثير أمراض الجهاز التنفسي التي توفر اللقاحات وقاية منها (تسمى اختصاراً VPRDs) يمكنها في حد ذاتها أن تشكل خطراً كبيراً.
تكشف تقديرات توصلت إليها نماذج رقمية، أن تفشي الإنفلونزا لموسم 2021- 2022 في المملكة المتحدة ربما سيفوق الإصابات التي تشهدها هذه البلاد عادة بنسبة 50 في المئة، بينما تحذر بحوث نهضت بها “أكاديمية العلوم الطبية” Academy of Medical Sciences من ارتفاع سريع متوقع في حالات الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، مع احتمال أن تتضاعف أعداد حالات الدخول إلى المستشفيات والوفيات الناجمة عن الإنفلونزا مقارنة مع السنوات “العادية”.
ويفاقم تعقيد هذا التحدي تخفيف تدابير درء انتشار “كوفيد- 19″، ما يعني أن الشتاء المقبل سيحمل معه سابقة من نوعها، إذ سينتشر فيروس الإنفلونزا الموسمية وفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى تزامناً مع تفشي “كوفيد- 19”.
في حين أن حملات جرعات التطعيم المعززة ضد الإنفلونزا و”كوفيد- 19″ قد انطلقت فعلاً وقطعت أشواطاً، يذكرنا “اليوم العالمي للالتهاب الرئوي” الذي صادف 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بأن فيروسات أخرى تتهدد أيضاً الصحة العامة.
إزاء خطر استفحال الأعباء الصحية التي يحملها معه الشتاء نتيجة الانتشار المتزامن لفيروسات عدة، ومع احتمال أن تستقبل المستشفيات أعداداً إضافية متوقعة من فئات السكان الضعيفة [الهشة]، ليس مستغرباً أن نستبشر خيراً باللقاحات مرة أخرى كسلاح رئيس في ترسانة النظام الصحي هذا الشتاء. في الحقيقة، تبين أن التطعيم واحد من أنجع أدوات [وسائل] الصحة العامة بجعبتنا لمحاربة أمراض الجهاز التنفسي التي توفر اللقاحات وقاية منها، وأكثرها فاعلية قياساً إلى كلفته.
لقد رأينا بالفعل جهوداً بطولية تبذلها هيئة الخدمات الصحية الوطنية في سبيل حماية الناس وتنفيذ البرنامج الأول للقاحات المضادة لـ”كوفيد- 19″، إضافة إلى جهود من جانب الناس علهم يكبحون جماح الفيروس. اعتباراً من 4 نوفمبر، طُرح ما يربو على 104 ملايين لقاح في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، وتشير التقديرات الأحدث الصادرة عن “هيئة الصحة والسلامة في المملكة المتحدة”UK Health and Security Agency إلى أن تلك الجرعات التحصينية حالت دون 261 ألفاً و500 حالة دخول إلى المستشفيات و127 ألفاً و500 وفاة.
وعموماً، استخدم التطعيم لحماية الصحة العامة. في الشتاء الماضي، نفذت الحكومة البريطانية حملة تطعيم موسعة ضد الإنفلونزا الموسمية، وقد حققت معدلات قياسية في الإقبال على لقاحات الإنفلونزا. في المقابل، على الرغم من أن “هيئة الخدمات الصحة الوطنية” البريطانية توصي جميع البالغين بعمر 65 عاماً أو أكثر بأخذ اللقاح ضد المكورات الرئوية، تظهر أحدث البيانات السنوية أن واحداً فقط من كل ثمانية (12.9 في المئة) أشخاص بالغين بعمر 65 عاماً تلقوا هذا التطعيم المُحصِن.
نظراً إلى الفائدة الجلية بالنسبة إلى الصحة العامة، من واجبنا جميعاً أن نكون على دراية بأهلية الفرد للحصول على اللقاح، وأن نتخذ إجراءات لحماية أنفسنا ومجتمعاتنا و”هيئة الخدمات الصحية الوطنية”، الآن أكثر من أي وقت مضى، قبل حلول موسم الشتاء المقبل.