الشرق اليوم– مثل العديد من البلدان في البلقان وأوروبا الوسطى التي أقامت حواجز لمنع المهاجرين من دخولها، أعلنت بولندا عن بناء جدار في ديسمبر القادم على طول الحدود مع بيلاروسيا، وهي سياسة يراد لها أن تطمئن غالبية سكان هذا البلد.
وقالت صحيفة (La Croix) الفرنسية إن هذا الجدار الذي يتوقع أن يمتد على 180 كيلومترا، صاحبه خطاب معاد للإسلام يلعب على الخوف من الإرهاب واستعارة مفهوم القلعة المحاصرة، وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من 50% من البولنديين يدعمون سياسة الحكومة في منع أي شخص من عبور الحدود مع بيلاروسيا، وأن معظمهم يؤمن بفاعلية هذا الحل الموعود في وقت قصير، قبل نهاية النصف الأول من عام 2022، خاصة أن عهد “الستار الحديدي” في ظل الشيوعية لا يزال غير بعيد.
ومن وجهة نظر الحكومة فإن الأمر يتعلق برفض الوقوع مرة أخرى ضحية للقوات الأجنبية والتأكيد على استقلال البلاد، وفقا لخطاب رسمي يستخدم معجم القوة وعدم الخضوع. كما يجب أن يُظهر هذا الجدار أيضا أن بولندا يمكنها الدفاع عن نفسها، على الرغم من جهود الدبلوماسية الأوروبية لحل المشكلة مع مينسك أو موسكو أو أنقرة.
الجدار لا يمنع المهاجرين
ومع ذلك، تقول الصحيفة إن الدراسات لا تجمع تماما على فعالية الجدار، لأن قياس فعاليته يستلزم إجراء تقييم لأمور معقدة للغاية، ومع ذلك يمكننا القول إن الجدار لا يمنع المهاجرين لأنه بناء مادي يتم تجاوزه في مساحة محدودة للغاية، خاصة أن المعابر الحدودية غير النظامية ليست سوى جزء صغير جدا من الهجرة غير النظامية التي تعتمد بشكل أساسي على وصول أشخاص في وضع صحيح، كالعمال وأطراف لمّ شمل الأسر والطلاب والسائحين الذين يتحولون إلى مهاجرين غير نظاميين بتغيير الوضع.
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن تزايد المعابر الحدودية بشكل حاد يرتبط عادة بأزمة في منطقة يحاول الناس المغادرة منها بسبب أمور طاردة، أو باستخدام بلد ما للتدفقات المهاجرة لممارسة ضغط جيوسياسي على جيرانه مثل بيلاروسيا، وفي هذه الحالات لا يكون المتدفقون مهاجرين غالبا بل يكونون من طالبي اللجوء، كما هي حال السوريين في البلقان خلال أزمة عام 2015، حيث كان 75% من عمليات العبور غير النظامية للحدود الأوروبية تتعلق بلاجئين معظمهم من السوريين.
زيادة تكلفة الهجرة
وبالرغم من أن الجدران ليست فعالة ضد الهجرة غير النظامية فهي فعالة ضد اللاجئين الذين يبحثون عن حق اللجوء في أوروبا إذا كان بإمكانهم التقدم بطلب للحصول عليه، وبالتالي فهذه الجدران تعمل بطريقة تتعارض مع المادة 51 من اتفاقية عام 1951، وتطرح مشكلة في القانون الدولي.
وعلى أية حال، نادرا ما يكون الجدار هو الذي يوقف الناس، بل عسكرة الحدود بوضع قوات مسلحة ضد الذين يحاولون العبور للهجرة، مع مجموعة من الأجهزة التكنولوجية ومراقبة الحدود خارج البلدان وداخلها، لتعقب وتحديد وترحيل أولئك الذين يعتبرون في وضع غير قانوني.
وختمت الصحيفة بأن هذه العسكرة تزيد من التكلفة المالية والبشرية للهجرة مع ارتفاع أسعار المهربين وزيادة عدد الوفيات، كما هي الحال في البحر المتوسط أو على الحدود الأمريكية المكسيكية.
ترجمة الجزيرة