بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – قضية الاحتباس الحراري لا تتضمن خطراً واحداً بل مجموعة متنوعة من الأخطار المميتة، وهذه الأخطار لا تشكل تهديداً لبلد بعينه أو منطقة جغرافية محددة لكنها قد تشمل العالم بأسره أو على الأقل الجزء الأكبر من مساحة الكرة الأرضية. ومن نافلة القول إن أضرار زيادة حرارة الكوكب لم تعد شيئاً متوقعاً في المستقبل، لكنها أصبحت واقعاً تظهر طلائعه على هيئة فيضانات مدمرة وموجات قحط وجفاف وحرائق وأعاصير تخفي وراءها كوارث أشد قسوة.
وقد كان الاعتقاد السائد أن تتمكن قمة «كوب 26» العالمية من أن تقود أولاً إلى اتفاقات ملزمة لتفادي تجاوز مستوى الكربون في طبقات الجو بنسبة 1.5 درجة التي توفر غطاء آمناً لحماية كوكبنا من تقلبات المناخ المتطرف. وأيضاً أن تقود إلى جسر الهوة بين الأضرار التي تحيق بالدول والشعوب الفقيرة جراء الفيضانات وموجات القحط ومقدرات هذه الدول والشعوب على احتواء هذه الأضرار.
وتوصلت القمة التي استضافتها بريطانيا بمشاركة قادة وزعماء وممثلين من 200 دولة إلى ما يعرف بـ«اتفاقية جلاسكو» على أمل أن تنجح تدابيره التي تم وضعها بعد مفاوضات شاقة استمرت أسبوعين في احتواء الارتفاع الخطير في درجات الحرارة ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن الآراء تباينت حول جدوى وفاعلية البنود التي احتوت عليها الاتفاقية.
فبينما رأى مراقبون أنّ الاتّفاقية لم تقدّم ما هو مطلوب لتجنّب الارتفاع الخطير ومساعدة الدول الفقيرة على التكيّف أو تعويض الأضرار الناجمة عن الكوارث المنتشرة على مستوى العالم، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: إن الاتفاق وضع خريطة طريق واضحة للحد من ارتفاع درجة حرارة العالم عند 1.5 درجة، وأطلق «ناقوس الموت» للطاقة المعتمدة على الفحم. وأضاف أن بلاده ستطلق ثورة صناعية خضراء وتصدرها إلى العالم.
وقالت رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين: إن قمة «كوب 26» أحرزت تقدّماً في تحقيق الأهداف الثلاثة التي يمكن أن توفّر للبشرية مكاناً آمناً ومزدهراً على هذا الكوكب. لكنها أضافت أنه لا يزال هناك عمل صعب في الانتظار. وهو نفس ما قاله جونسون المتفائل بنتائج القمة وأيضاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الذي أضاف أن «الكارثة المناخية لا تزال ماثلة».
وفي مقابل هذه الأحاديث التي تحمل الأمل كانت هناك تصريحات شديدة الانتقاد للاتفاقية التي تم التوصل إليها. وتتعلق الانتقادات خصوصاً بمدى التزام الدول الغنية بخفض انبعاثات الكربون وتقديم التعويضات للدول الفقيرة عن الأخطار المميتة التي تتعرض لها بسبب الأنشطة الصناعية للدول الغنية.
وقال لورنس توبيانا، مهندس اتّفاق باريس للمناخ إنّ مؤتمر «كوب فشل في تأمين المساعدة الفوريّة للأشخاص الذين يُعانون الآن».
واعتبرت أماندا موكواشي، المديرة التنفيذية لمنظمة «كريستشان آيد»، أن مؤتمر الفرصة الأخيرة لحماية الكوكب، قد تم وضعه على أجهزة التنفس الاصطناعي. بينما قالت تيريزا أندرسون، منسّقة سياسة المناخ في منظمة «أكشن إيد إنترناشونال»، إنّ اتفاقية جلاسكو كانت «إهانة لملايين الأشخاص الذين تحطّمت حياتهم بسبب أزمة المناخ».