الرئيسية / مقالات رأي / الإرهاب في إفريقيا

الإرهاب في إفريقيا

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – تتحول القارة الإفريقية خصوصاً في شرقها وغربها إلى بؤرة للإرهاب، حيث تحتشد فيها منظمات إرهابية متعددة، ترسخ وجودها في مناطق جديدة، وتمارس عمليات دموية في أكثر من دولة، بحيث بات هذا الوجود يشكل خطراً على مجمل القارة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهته من خلال الدول الإفريقية نفسها، بالتعاون مع الدول القادرة على تقديم الدعم العسكري اللازم والقادر على اجتثاث الإرهاب.

آخر التقارير الصادرة عن «مؤسسة السلام والتنمية وحقوق الإنسان» الإفريقية يؤكد أن العمليات الإرهابية في القارة أوقعت خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي أكثر من 559 ضحية، وأن إقليم شرق إفريقيا جاء في المرتبة الأولى بسبب تزايد نشاط «حركة الشباب» الصومالية، إذ سقطت 261 ضحية، و183 ضحية في غرب القارة جراء هجمات تنظيمي «داعش» و«بوكو حرام». كما سقطت 111 ضحية في وسط إفريقيا.

هذه الأعداد من الضحايا وقعت في شهر واحد، ما يعني أن أعداد الضحايا خلال عام واحد يمكن أن تكون عشرة أضعاف أو أكثر. وهذا يعني أيضاً أن دول القارة المستهدفة فشلت حتى الآن في الحد من نشاط الإرهاب، كما فشلت الإجراءات الجماعية التي اتخذتها الدول المعنية، وخصوصاً دول الساحل في تجفيف منابع الإرهاب، رغم اتفاقها منذ العام 2017 على تشكيل قوة لمكافحة الإرهاب.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن العام 2017 خلال زيارته للنيجر، ستة أشهر لتحقيق هدف مكافحة «داعش» عسكرياً وفكرياً في القارة السمراء، وتحديداً في تشاد ومالي والنيجر ونيجيريا وبوركينا فاسو، حيث يتصاعد نشاط الإرهابيين، كما أن الولايات المتحدة أعلنت آنذاك على لسان الجنرال الأمريكي جوزيف دانفورد أن «داعش» يطمح لتوسيع حضوره في القارة، ولذلك فإن الولايات المتحدة قررت زيادة عدد القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة، وذلك كرد فعل «على ما يمكن أن يشكله ذلك من خطر في المستقبل».. لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق.

لعل من أهم أسباب تفاقم خطر الإرهاب في إفريقيا، هو تراجع اهتمام الدول الغربية بالبلدان المعنية، إذ إن فرنسا قررت تقليص قواتها في مالي إلى النصف، كما أن الولايات المتحدة تكتفي بحضورها العسكري الحالي، عدا أن الدول الأوروبية لا تقوم بأي جهد في المواجهة. إضافة إلى ذلك هناك سوء إدارة عسكرية وسياسية لدول الساحل في التعامل مع المنظمات الإرهابية، مع ضعف التنسيق بينها، وكذلك هناك هشاشة في بنى المجتمعات والدول ما يمكن الإرهاب من ترسيخ أقدامه، مع وجود مناطق شاسعة خارج سلطة هذه الدول، تضاف إليها الطبيعة الصحراوية الواسعة التي توفر لهذه التنظيمات ملاذاً مناسباً. كما أن الفقر المدقع في معظم هذه الدول يشكل بيئة مناسبة للإرهاب، تستغله المنظمات الإرهابية في الترويج لأفكارها وتوفير حاضنة لها.

إذا لم يتم تحقيق النصر على الإرهاب بإفريقيا في القريب العاجل، فسوف يتسع خطره ليصبح تهديداً خارجاً على السيطرة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …