الرئيسية / مقالات رأي / أزمة المياه في الوطن العربي

أزمة المياه في الوطن العربي

بقلم: محمد خليفة – صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – ثمة تحول خطير أخذ يشق طريقه على صعيد معدلات استهلاك المياه في العالم العربي، ومن المعروف أن المياه في الأوطان العربية، بحكم ظروفها البيئية والمناخية القاحلة، تعتبر إحدى الركائز الأساسية في عمليات التنمية.
وتعد ندرة مصادر المياه حالياً من أهم التحديات التي تواجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يستدعي أن يتم تكثيف البحث والدراسات الخاصة بالفرضيات العلمية والجيولوجية عن كثافة المياه التي كونتها طبقات الأرض الجوفية، حيث يغلب على معظم الدول العربية الطابع الصحراوي بسبب القرب من مدار السرطان، وتشكل الصحارى أكثر من 90 في المئة من مساحة الوطن العربي، وهناك بعض الدول تشكل الصحراء أكثر من 95% من مساحة أراضيها، الأمر الذي يجعل المياه شحيحة في غالبية هذه الدول، ونادرة في بعضها الآخر.
وقد نجحت بعض الدول العربية في تأمين احتياجاتها من المياه من خلال تحلية مياه البحر، مع بعض المياه القليلة الأخرى من المصادر الجوفية أو مياه الأمطار. لكن دولاً عربية كثيرة لا تزال عاجزة عن توفير المياه لشعوبها، في ظل ازدياد عدد السكان، واتساع رقعة النمو العمراني، والتي تتطلب وجود المياه كعنصر أساسي للحياة. وهناك دول عربية حالياً تشهد أزمة مياه خانقة، ليس بسبب وقوعها في قلب الصحاري، بل لانعدام الوقود الذي يتم به تشغيل المولدات لجرّ المياه إلى مستهلكيها في المدن والقرى. ويمثل لبنان نموذجاً لدولة صغيرة غنية بمصادر المياه، ولكنها تعاني أزمة مياه خانقة.
وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، أن أكثر من أربعة ملايين لبناني قد يواجهون نقصاً حاداً في المياه، أو قد تنقطع المياه عنهم، وذلك بسبب أزمة الوقود الشديدة. وليس لبنان فقط، بل سوريا المجاورة تعاني أيضاً أزمة مياه بسبب قلة الوقود، وكذلك يواجه العراق نقصاً كبيراً في المياه، ما يهدد استقرار الزراعة والصيد في البلاد على المدى البعيد، فضلاً عن تهديد صحة سكانه.
وفي شهر أغسطس (آب) الماضي حذرت منظمات إغاثة دولية من أن ملايين الأشخاص في العراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه. وكان العراق يعرف في الماضي بأرض السواد وذلك لخصوبة أراضيه، ووفرة المياه فيه حيث دجلة والفرات اللذين يحتضنان أرضه ويمدانه بروافد كثيرة من الأفرع الصغيرة التي تغطي معظم أراضي العراق.
وتعاني الجزائر، كذلك، أزمة مياه خانقة، بسبب جفاف تشهده من ثلاث سنوات، وقد اعترفت وزارة الموارد المائية بوجود أزمة في التزود بالمياه الصالحة للشرب في عشر ولايات على الأقل، بمناطق وسط وشمالي البلاد. وقد وضعت الحكومة خطة طوارئ لمواجهة الأزمة عبر بناء محطات جديدة لتحلية مياه البحر، وتأهيل أخرى معطلة، وحفر آبار ارتوازية.
وتحبس مصر الأنفاس في إنشاء سد النهضة الذي أُقيم على أكبر رافد لنهر النيل وهو النيل الأزرق، والذي قد يؤثر في وصول كميات كافية من المياه إلى مجرى النيل الأساسي؛ وقديماً قيل «مصر هبة النيل» إذ لولا هذا النهر لكانت مصر صحراء قاحلة، بلا حضارة امتدت آلاف السنين بسبب الاستقرار الذي يوفره النهر.
أما السودان، فهو بلد الأنهار الدافقة لكنه يكاد يموت عطشاً، وشهدت مناطق عدة في العاصمة «الخرطوم» وفي غيرها من المدن، في الأشهر الماضية، أزمة حادة في مياه الشرب، بسبب النقص الحاد في المشتقات النفطية، ما يؤدي إلى توقف محطات توليد الكهرباء المخصصة لجر المياه. وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الست هي الدول العربية الوحيدة التي حققت الاكتفاء الذاتي من المياه، وذلك عن طريق بناء محطات التحلية على ضفاف الخليج العربي وبحر عُمان. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر دولة خليجية لديها اكتفاء ذاتي من المياه، ففي سبتمبر 2017 كشفت وزارة الطاقة عن استراتيجية الأمن المائي 2036، الهادفة إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه خلال الظروف الطبيعية، وظروف الطوارئ القصوى، بما ينسجم مع قوانين الدولة، ومواصفات منظمة الصحة العالمية، ويساهم في تحقيق رخاء وازدهار المجتمع واستدامة نمو الاقتصاد الوطني. إن هذه الاستراتيجية الجاري تنفيذها اليوم ستجعل دولة الإمارات ذات موارد مائية مستدامة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …