بقلم: توم أوكونور ونايفيد جمالي
الشرق اليوم- تساءل تقرير لمجلة (Newsweek) عن إمكانية حدوث هجمات مماثلة لهجمات 11 سبتمبر بواسطة طائرات مسيّرة، وقالت المجلة: إن المسيرات ليست أسلحة الغد للدمار الشامل، بل هي أسلحة اليوم، والتكنولوجيا المطلوبة لتصميمها أصبحت أرخص وأكثر ذكاء ويمكن الوصول إليها بسهولة.
وقال التقرير: إن مسؤولا عسكريا أمريكيا -طلب عدم الكشف عن هويته- رسم سيناريو محتملا يتضمن طائرات صغيرة يشار إليها باسم الأنظمة الجوية غير المأهولة (UAS)، أو أنظمة الطائرات بدون طيار، أو ببساطة “الطائرات المسيّرة”، ليتساءل: “ما الذي يمكنك فعله إذا كان لديك طائرتان صغيرتان من الطائرات المسيرة وتوجهت إلى ملعب مزدحم. قد يتسبب ذلك في الكثير من الضرر وهو سيناريو يمكن حدوثه تماما”.
وأشار المسؤول الأمريكي إلى أن عصر الحرب التكتيكية بالطائرات المسيّرة قد بدأ بالفعل. فقد أصبحت الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بوقت قصير، الدولة الأولى التي تستخدم الطائرات المسيرة سلاحا فعليا، وتجهزها بصواريخ دقيقة، بحيث أصبحت عنصرا أساسيا في “الحرب على الإرهاب”.
كما أشار إلى الهجمات بالمسيرات على رئيس الوزراء العراقي هذا الأسبوع، وعلى الرئيس الفنزويلي في أغسطس 2018، واستخدامها في العراق وسوريا ضد القوات الأمريكية، وفي أذربيجان.
أداة سهلة للغاية
ونسب كاتبا التقرير إلى مسؤول أمني إسرائيلي قوله: “هذه الأداة سهلة للغاية اليوم، والطائرات المسيرة صغيرة، فأنت تطلبها وستحصل على ما يشبه صاروخا دقيقا موجها”.
وأضاف: أنه حتى مع إمكاناتها التدميرية الحالية، فإن الذخائر المرتبطة بهذه الطائرات لا تزال في مهدها نسبيا، لكن إمكاناتها تنمو بسرعة ملموسة، وأصبحت أكثر دقة في قدراتها على الملاحة، “أعتقد أن ما سنشهده هو أن كمية المتفجرات ستزداد”.
ومضى المسؤول الأمني الإسرائيلي يقول: إن أنظمة الطائرات المسيرة التجارية الأصغر تتفوق على الطائرات التقليدية بميزة فريدة أخرى: فهي ليست بحاجة لمنصة إطلاق، مما يجعل اكتشافها أكثر صعوبة. وعند استخدامها بأعداد أكبر -وهي المعروفة باسم سرب- يصعب اعتراضها أيضا.
وأضاف: أن العالم يشهد تصاعدا آخر “للإرهاب”، فبعد انسحاب أمريكا من أفغانستان ازدادت الأنشطة “الإرهابية” ونوع الدعم الذي تقدمه بعض المنظمات التي تشعر أنها اقوى وربما أكثر شجاعة، و”يمكن أن تكون أداة الطائرات المسيرة هذه بالتأكيد شيئا قد نشهد ازدياد استخدامه”.
سيناريوهات مرعبة
ونسب التقرير إلى باحث أسترالي عمل مستشارا للأمن القومي الأمريكي يُدعى زاكاري كالينبورن، القول إن تزايد تكنولوجيا الطائرات المسيرة يسمح لها -بشكل متزايد- بالتحليق مستقلة أو في أسراب جماعية، مما يزيد من الضرر المحتمل بشكل كبير. تخيل غارة جوية “إرهابية”، أو مجموعة من الطائرات المسيرة تلقي قنابل على حفل موسيقي أو حشد في ملعب لكرة القدم.
وحذر كالينبورن من أن الأمر الأكثر ضررا هو أن المهاجمين يمكن أن يضاعفوا عدد الضحايا إلى حد كبير من خلال استخدام أسلحة الدمار الشامل.
وقال: إن الطائرات المسيرة ستكون أنظمة إيصال فعالة للغاية للأسلحة الكيمياوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، ويمكنها -على سبيل المثال- رش العنصر القاتل فوق منطقة مزدحمة.
ومضى كالينبورن يقول: إنه قلق جدا أيضا بشأن هجمات الطائرات المسيرة على الطائرات، لأن محركات الطائرات وأجنحتها ليست مصممة للنجاة من ضربات الطائرات المسيرة.
لكنه أشار إلى أن هوية المهاجم مهمة كثيرا، لأن المحدد الكبير لأسوأ السيناريوهات، هو القدرة على الحصول على العامل الكيميائي أو البيولوجي أو الإشعاعي أو النووي. فقد واجه “الإرهابيون” تاريخيا، صعوبات جمة في الحصول على هذه الأشياء، لكن جيوش الدول تمتلك الموارد والتكنولوجيا لصنع أسراب ضخمة يمكن أن تنافس ضرر أسلحة الدمار الشامل التقليدية، بما في ذلك الأسلحة النووية الصغيرة.
تحديد الهوية عن بعد
وفيما يتعلق بالدفاع ضد هجمات المسيّرات، قال المسؤول العسكري الأمريكي إن من الطرق التي تسعى إدارة الطيران الفدرالية الأمريكية من خلالها إلى تحسين قدرة السلطات على تحديد المشكلات المحتملة التي تطرحها أنظمة الطائرات المسيرة، هي فرض “تحديد الهوية عن بُعد”، والتي من خلالها سيُطلب من الطائرات المسيرة توفير معلومات أساسية مثل الهوية والارتفاع والموقع الحالي، بالإضافة إلى الموقع المشغل ونقطة الإقلاع.
وقال المتحدث باسم إدارة الطيران الفدرالية للمجلة: إن متطلبات “تحديد الهوية عن بُعد” لجميع مشغلي أنظمة الطائرات المسيرة، عند دمجها مع متطلبات التسجيل الحالية لديهم، ستمكّن من الكشف وتحديد الهوية بشكل أكثر فعالية، وسيساعد هذا أيضا تطبيق قانون ربط الطائرة المسيرة غير المصرح بها بمشغلها، كما سيساعد على تحديد ما إذا كانت الطائرة المسيرة تشكل تهديدا فعليا يجب التخفيف من حدته، أو ما إذا كانت الطائرة قد أخطأت وابتعدت عن الذي يسيرها لكنها لا تستهدف إحداث ضرر أو تلف.
وذكر التقرير أن شراء الطائرات المسيرة اليوم غير مقيد تماما، باعتبارها ألعابا بشكل أساسي، وسيحل التسجيل بعضا من المشكلة، لكن مسيّر الطائرة سيكون أيضا غير مرئي ويصعب الإمساك به في الهجوم.
وبالإضافة إلى التهديد الحركي، حذر أحد الخبراء الذين تحدثوا للمجلة من هجمات إلكترونية محتملة تستخدم أنظمة الطائرات المسيرة. وكشف عن أنهم تلقوا تقارير تفيد بأن سفينة حاويات إيفر غيفين (Ever Given) التي أغلقت قناة السويس وأوقفت الكثير من حركة المرور البحرية هذا العام، قد تعرضت لقرصنة إلكترونية من طائرة مسيرة، عندما رُفض طلب للحصول على فدية.
حلول أخرى محتملة
ويقدم التقرير حلولا محتملة أيضا، بما في ذلك مجموعة من قدرات الكشف مثل ترددات الراديو والرادار والصوت والبصريات وأنظمة أجهزة الاستشعار المتعددة. كما يسرد الأصول المحايدة بما في ذلك أجهزة التشويش على التردد اللاسلكي، وأجهزة التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والتكتيكات السيبرانية، وهجمات الطاقة الموجهة، والطائرات المضادة للطائرات المسيرة والأنظمة الحركية القادرة على تفجير الطائرات المسيرة في السماء.
وانتهى التقرير بالتحذير من أن الحكومات ووكالات إنفاذ القانون والأمن التابعة لها، يجب أن تبدأ الآن بإنشاء أنظمة للدفاع ضد هجمات الطائرات المسيرة.
ترجمة: الجزيرة