بقلم: سالم سالمين النعيمي – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – يمثل سوق العقارات قرابة 30% من الاقتصاد الصيني، ويعمل أكثر من 60 مليون شخص في هذا القطاع الكبير، والذي يمثل بدوره سياسة حكومية متبعة منذ حكومات سابقة للحزب الحاكم، ونحن نتحدث هنا عن الاقتصاد التخطيطي الذي تلعب فيه الدولة دوراً رئيساً، ولكن دون أن نتجاهل الحركات الشبابية ذات التوجه الليبرالي، والتي تسيطر على جزء ملحوظ من الاقتصاد التنافسي المستقبلي، إلى جانب قطاع الطاقة ومناجم الفحم، وغيرها من الصناعات الحيوية للاقتصاد الصيني، ناهيك عن الهجوم على الصين من المنافسين بطرق كثيرة ومتنوعة مثل السيطرة على نظام تصنيف القطاعات الاقتصادية، وكيف لعبت الشركات التصنيفية المسيطر عليها في الغرب في تصنيف السوق الصينية والاستثمار فيها، والإقراض وغيره من الأمور المتعلقة بالتصنيف الاستثماري الأجنبي في الصين، وخاصةً في شركات الإنشاءات وعمليات البناء الشاملة.
ومن جهة أخرى هنالك حظر جزئي متكرر للطاقة الكهربائية في بعض المدن بسبب أزمة الطاقة، وديون متراكمة على الشركات الإنشائية والعقارية التي تعتمد على القروض البنكية.
فالسوق العقاري كان المحرك الذي بنت عليه المقاطعات الصينية ورود مداخيل تمويل البنى التحتية في مدنها، حيث يشكل بيع الأراضي نسبةً كبرى من الدخل المحلي للمقاطعات والبيضة التي تبيض ذهباً للحكومات المحلية، وليس كما كان يعتقد البعض أن الصناعات التي تستخدم الأيدي العاملة الرخيصة هي العامل الرئيس للنمو الصيني. ولا غرابة أن حجم السوق العقاري الصيني يبلغ 52 تريليون دولار. وفي حال تراجع أسعار الوحدات العقارية ستقل بالتالي أسعار الأراضي، ويتأثر معدل إنفاق الفرد الاستهلاكي في الصين والذي يمثل حوالي 54% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الذي سيلقي بظلاله على العالم أجمع.
ففي الصين هناك ثماني أسر من كل عشرة تضع مدخراتها في السوق العقاري كاستثمار طويل الأمد، وتبعاً لذلك تحول السوق العقاري إلى سوق مضاربة، وأصبحت الأسعار لا تعكس سعر الوحدات السكنية الحقيقي والملايين من الوحدات لم تسلّم للسكان. فالحكومة الصينية ممثّلة في البنك المركزي في سنة 2020 وضعت 3 خطوط حمراء للشركات العقارية لحوكمة السوق العقاري والمضاربة في العقارات، ولكن الشركات وجدت طرقاً مختلفة لإيجاد سيولة وإدخال مستثمرين دوليين، وجعل موظفيهم جزءاً من عملية تسليف تلك الشركات. وفي ظل التحديات المالية المصرفية، هل ستقوم الحكومة الصينية بدعم البنوك والمصارف وتستثمر في كبرى الشركات العقارية وتحويلها لشركات شبه حكومية؟
فهناك عملاق العقارات الصيني «إيفرغراند» والتي تعد أكبر شركة عقارات في العالم، والتي كانت أحد النمور التي تغذي التنين الاقتصادي الصيني في العشرين سنة الأخيرة، واليوم هي محاصرة بديون تقارب 300 مليار دولار.
الاقتصاد الصيني يختلف عن باقي اقتصادات العالم، وقرابة 6 تريليونات دولار تُدار من قبل ما يسمى بالاقتصاد الحكومي الصيني، والمؤسسات الحكومية الصينية تمتلك أكثر من 40% من حجم الاقتصاد الكلي للدولة. ويُعتقد أن هناك 990 أسرة ثرية مهيمنة على السوق الصيني، وتدفع جزءاً من مداخيلها لبرامج الرفاهية الحكومية للشعب الصيني. والسؤال هو: هل ستترك الصين عملاق العقار الصيني «إيفرغراند» يتفكك من الداخل على أن تهتم الحكومة بالعملاء لأهمية ذلك في الاستقرار الاجتماعي، وهم في غالبيتهم من الطبقة الوسطى، والتي تعد قاعدة جماهيرية مؤثرة.