By: Nic Cheeseman & Yohannes Woldemariam
الشرق اليوم – في أكتوبر / تشرين الأول، أمر رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، بشن هجوم على قوات المتمردين التيغرايين التي تسيطر على جزء كبير من منطقة تيغراي الشمالية في البلاد وجزء من منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين. كان هدفه إجبار المتمردين على الوقوف في أرضهم، وفي النهاية أنهى حربًا استمرت عامًا كاملًا أودت بحياة الآلاف وشردت أكثر من 1.7 مليون شخص. بدلاً من ذلك، يبدو أن المناورة قد أتت بنتائج عكسية. لم يقتصر الأمر على فشل القوات الإثيوبية في التقدم، بل عانوا سلسلة من الهزائم التي تركت العاصمة أديس أبابا مفتوحة للهجوم – مما أجبر أبي على إعلان حالة الطوارئ هذا الأسبوع ودعوة السكان لحمل السلاح.
حتى لو كان من الممكن وقف القتال والحروب، فإن غياب هوية موحدة للبلاد والخلافات الشديدة حول من يجب أن يحكم وكيف يستمر، تجعل من الصعب نجاة إثيوبيا من التفكك. ومن دون رؤية مقنعة ومشتركة على نطاق واسع للدولة الإثيوبية، لن يتمكن آبي أحمد ولا أي خليفة محتمل من منع قوى التفكك من الصعود على حساب قوى التوحيد والتماسك.
وإذا انتصر تحالف الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجبهة تحرير الأورومو في هجومه على العاصمة أديس أبابا، فمن المرجح أن يؤدي الاضطرار إلى تقاسم السلطة إلى إبراز التوترات طويلة الأمد بين المجموعتين، مما يزيد من خطر عدم الاستقرار السياسي.
وإذا قررت جبهة تحرير تيغراي عدم الاستمرار في الاستيلاء على العاصمة من أجل السلام بشروط مواتية والمطالبة باستفتاء على قدر أكبر من الحكم الذاتي والحماية للتيغراي، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تصعيد التوترات مع حليفهم جبهة تحرير الأورومو التي تدعي أن العاصمة هي قلب إقليم أوروميا، وسيترك الدوافع الكامنة وراء الصراع دون حل.
وإذا حدث انقلاب من قبل الجيش الحكومي لخلع آبي أحمد، كما يتوقع البعض، حيث يبدو الجيش الإثيوبي حاليا منقسما داخليا وغير قادر على هزيمة الهجوم على العاصمة، فإن الانقلاب لن ينتهي بحل للصراع.
وإذا تمكن الجيش الحكومي من التمسك بالعاصمة وخط القطار الذي يربط أديس أبابا بجيبوتي وفشل في استعادة أي من الأراضي التي تسيطر عليها الآن قوات تيغراي والأورومو، فإن آبي أحمد سيتعرض لضغوط أكبر لمتابعة تسوية تفاوضية.
ولكن رغم وجود مناقشات سرية حاليا بين ممثلي كلا الجانبين في العاصمة الكينية نيروبي، فلم يكن هناك تقدم يذكر، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن كلا الفريقين يضم متشددين يرون أن التسوية خيانة، أي بغض النظر عن الطريقة التي سينتهي بها الصراع الحالي، فإن الاستقرار، وفي نهاية المطاف، بقاء الدولة الإثيوبية سيتطلبان من قادة الدولة وضع رؤية جديدة للبلاد يبدو أنهم غير قادرين عليها حاليا.
إن أزمة إقليم تيغراي سلطت فقط الضوء على خطر تفكك إثيوبيا، لكن بذور عدم الاستقرار في هذه البلاد ظلت مزروعة منذ نهاية القرن الـ 19، إذ لم تشهد سلاما داخليا إلا نادرا.
ومن السهل رؤية الانقسامات في إثيوبيا على أنها نتيجة حتمية للحجم الهائل للبلاد وتنوعها الإثني، فإثيوبيا هي البلد رقم 27 الأكبر في العالم من حيث المساحة وموطن لأكثر من 80 مجموعة عرقية مختلفة، لكن لا الجغرافيا ولا الديموغرافيا هو القدر. فالقادة الإثيوبيون المتعاقبون أثاروا التوترات العرقية والمناطقية، وحكم كل منهم بطريقة أعطت مجتمعا واحدا على الأقل سببا للشعور بالظلم.
وعلى مدى العامين الماضيين، ازدادت حدة الانقسامات في إثيوبيا بسبب انتشار خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت فرانسيس هوغن المُبلغة عن المخالفات على فيسبوك لأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في جلسة استماع الشهر الجاري “أدى الحديث الخطير عبر الإنترنت في إثيوبيا إلى عنف حقيقي يضر بالناس بل ويقتلهم”، معترفة بأن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في تفتيت الدولة.
هناك ما لا يقل عن 13 مجموعة عرقية مختلفة تطالب حاليا إما بمزيد من الحكم الذاتي أو الانفصال الذي يكفله الدستور، لكن تلبية هذه المطالب صعبة للغاية، على سبيل المثال، تطالب مناطق مثل تيغراي وأمهرة بأجزاء من أراضي بعضها البعض وقد ظلت عالقة في نزاعات حدودية طويلة الأمد.
وهناك نزاعات أخرى أكثر تعقيدا تجري بين سكان الإقليم الواحد مثل إقليم سيداما حول الانفصال أو الوحدة.
وتؤكد مثل هذه الأمثلة الصعوبة الهائلة في إدارة الفسيفساء العرقية المعقدة في إثيوبيا والحاجة الملحة إلى رؤية موحدة إذا كان للبلاد أن تنجو من التفكك.
ففي إثيوبيا كما في أي مكان آخر، دمرت الحرب الأهلية البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها، مثل الطرق والمصانع ومعدات الاتصالات، كما أدت إلى تآكل نسيج الهوية الوطنية. ولمنع تفكك الدولة، يجب على قادة إثيوبيا إيجاد طريقة لإعادة توحيد البلاد مرة أخرى، ماديا ورمزيا.
وسيتطلب القيام بذلك 3 أشياء، لن يكون أي منها سهلا: تأمين سلام دائم، وإعادة بناء تيغراي والأجزاء الأخرى من البلاد المتضررة من الحرب، والتوصل إلى إجماع حول فكرة إثيوبيا وهويتها الموحدة.