افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – أعادت قمّة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب26» الأمل في تحقيق إنجازات فعلية بالنظر إلى الالتزامات والتعهدات التي قطعها المشاركون في قمة جلاسكو من أجل حماية الطبيعة والتصدي للاحتباس الحراري وتأمين مستقبل الحياة على الأرض. فما تم الإعلان عنه من قرارات يؤكد أن درجة الوعي بالمخاطر والتهديدات البيئية عالية جداً. وعلى هذا الأساس يمكن التفاؤل خيراً، وتفادي المخاوف من النكوص وعدم الوفاء بالتعهدات.
كل الأطراف الحاضرة في جلاسكو استجابت لنواقيس الخطر، وأبدت الكثير من المسؤولية والعزم على خوض حرب نبيلة لحماية المناخ من تزايد نسبة الاحترار عبر طرح سياسات فعالة من شأنها أن تبدد الشكوك حول الاستراتيجيات المعلنة. فللمرة الأولى منذ مؤتمر ريو دي جانيرو قبل نحو 30 عاماً مروراً بمؤتمر باريس عام 2015، أظهرت قمة جلاسكو جانباً كبيراً من الصدق في التعامل مع هذه القضية الوجودية التي يتوقف على كسبها استمرار الحياة دون كوارث أو جوائح. وبعد درس «كورونا» يبدو أن التضامن الدولي أصبح طوق النجاة الوحيد الممكن لترجمة قيم الشراكة والتعاون والتآزر. فما أبدته الدول الكبرى ومجموعة العشرين وهيئة الأمم المتحدة وكبرى المؤسسات الدولية من نوايا صريحة بالانخراط في عمل جماعي كفيل بأن يبعث الطمأنينة والثقة في المستقبل.
في خضم هذه المساعي الحميدة تتصدر الإمارات كوكبة الفاعلين بما تلعبه من دور وبما اتخذته من مبادرات رائدة في هذا المجال، منها إعلانها عن استراتيجية الحياد المناخي بحلول 2050 التي تتضمن خارطة طريق لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وهي أول مبادرة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متوافقة مع اتفاقية باريس للتغير المناخي. وفي جلاسكو، أبرمت شراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة مبادرة عالمية كبرى تتعلق بـ«الابتكار الزراعي للمناخ»، كما أطلقت الإمارات في هذا المحفل الدولي خارطة طريق لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون بحلول 2030 بما يعزز البحث والتطوير والابتكار والتكنولوجيا النظيفة ويساهم في تقديم حلول مستقبلية لتحديات التغير المناخي العالمية. ولأن سمعتها الدولية مقترنة بالنجاح والتميز والريادة والالتزام بالعهود والمواثيق، يحظى طلب الإمارات استضافة الدورة ال28 لمؤتمر المناخ «كوب28» عام 2023، بدعم الأطراف الدولية الفاعلة، وهو تحد جديد ترفعه الإمارات وتعتز بأن تكون حاضنته والمهندسة لنجاحه في سياق مسيرة البشرية لإنقاذ المناخ.
ما أفصحت عنه الأيام الأولى من مؤتمر جلاسكو يمهد لتحقيق الحلم الأخضر ويؤكد أن المجموعة الدولية جادة ومقتنعة بأن ساعة العمل دقت لأن الضرر واقع على الجميع وكسب الرهانات سيعود بالفائدة على الجميع أيضاً. ففي ظل الحقائق الماثلة والكوارث التي عاشتها مناطق عديدة من العالم والدراسات التحذيرية من تدهور الوضع البيئى، لم يعد مسموحاً تجاهل الواقع ولا التراخي عن أداء الواجب. وإذا كان قادة وخبراء اعتبروا أن مؤتمر جلاسكو بمثابة «أمل أخير» في معركة التحديات المناخية، إلا أنه يمنح فرصة واعدة للعمل الدولي المشترك ضمن مهمة إنسانية ووجودية سامية قبل أي مآرب آنية.