بقلم: دينا دخل الله – الوطن السورية
الشرق اليوم- على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن بدأ فترته الرئاسية بتأييد كبير من الشارع والطبقة السياسية على حد سواء، إلا أن الرئيس الجديد بدأ، على ما يبدو، يخسر مؤيديه مع اقتراب نهاية السنة الأولى لرئاسته. صدمة كبيرة لبايدن وفريقه الرئاسي وربما حتى صدمة للحزب الديمقراطي الذي اعتبر أن جو بايدن حصانه الرابح لثماني سنوات مقبلة.
انشغلت الصحف الأميركية مؤخراً بنتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب وصلت فيه أرقام الرئيس الأميركي للحضيض بعد أن كان يحظى بتأييد أكثر من 57 بالمئة من الأميركيين.
الغريب في الموضوع حسب الصحف، هو سرعة هبوط بايدن من 57 بالمئة في شباط الماضي إلى 42 بالمئة، ما يضع بايدن في مرتبة أعلى بقليل من الرئيس السابق دونالد ترامب الذي حصل على 41.1 بالمئة من التأييد والتي تعتبر أسوأ نسبة يحصل عليها رئيس منذ أن بدأت مجموعة غالوب بقياس تأييد الرؤساء عام 1945.
اعتاد الرؤساء الأميركيون على الاهتمام بأرقام مؤيديهم لأنها تعتبر بمنزلة موافقة من الشارع على الرئيس، ففي عام 1968 خسر الرئيس ليندون جونسون 20 نقطة في الاستطلاع لأنه قال «ما فعلته للزنوج كان واضحاً في فيتنام وكل آسيا»، إشارة منه إلى أنها أول مرة يشارك فيها الأميركيون من أصل إفريقي في حرب أميركية حقيقية، أما دونالد ترامب فقد تباهى بنتائج الاستطلاع وقلل من شأنه عندما لاحظ قلة أرقام مؤيديه واتهم مؤسسة غالوب بالتزوير.
يرى محللون أن الرؤساء غالبا ما يفقدون مؤيديهم مع وجودهم في البيت الأبيض وذلك لأن الرؤساء يحصلون على أكبر نسبة تأييد خلال حملاتهم الانتخابية، إذ يكونون وقتها في أوج قوتهم فهم يقدمون وعوداً كثيرة ما يجعلهم يحصلون على تأييد الكثيرين، هذا تماماً ما حصل في حالة الرئيس الحالي فالإحباط الذي يشعر به الشارع الأميركي سببه أن بايدن قدم وعوداً كثيرة تمس حياة الأميركيين اليومية لم يتحقق منها شيء كالتغييرات في البرامج الاجتماعية والجامعات الأهلية المجانية والعناية السنية للمتقاعدين والتجنيس للمهاجرين وغيرها من الأمور.
لكن في بعض الأحيان تتأثر أرقام الاستطلاعات بأمور خارجة عن إرادة الرئيس نفسه، فإذا كان الرئيس محظوظاً سيحظى بموقف يجعله يمسك بدفة القيادة كدخول البلاد في أزمة مثلا، عندها يستطيع الرئيس الحصول على أعداد كبيرة من المؤيدين، ولعل أوضح مثال على ذلك الرئيس جيمي كارتر الذي حصل على أعداد كبيرة من المؤيدين عندما بدأت أزمة الرهائن الأميركيين في طهران عام 1979 إلا أنه خسر مؤيديه بعد أن أخفق في استعادة الرهائن وكانت النتيجة إخفاقه في الحصول على ولاية ثانية. الرئيس جورج بوش الأب حصد أرقاماً كبيرة في الاستطلاع بعد اجتياح الكويت عام 1990، واستفاد ابنه دبليو بوش من هجمات 11 أيلول 2001، لكنهما خسرا أرقامهما بعد أن دخلا الحرب، في حين حظي الرئيس جون كينيدي بأعلى أرقامه بعد أزمة خليج الخنازير 1961، أما أرقام الرئيس رونالد ريغان فقد زادت بعد تعرضه لمحاولة اغتيال 1981.
يعتبر الاقتصاد عاملاً قوياً أيضاً يساهم في تغيير أرقام الرئيس، وإنهاء حرب، وعاملاً مهماً أيضاً كما حصل مع إيزنهاور عندما أنهى حرب كوريا 1953.
قد تكون هذه الأرقام ذات معنى مهم بالنسبة لأي رئيس أميركي إلا أن هناك أمثلة تثبت أن هذه الأهمية قد تكون معنوية فقط، فمثلا الرئيس بيل كلينتون استطاع أن يحظى بولايتين رئاسيتين رغم أن أرقامه في الاستطلاع كانت قليلة.
قد لا تؤثر هذه الأرقام في مستقبل وجود جو بايدن في البيت الأبيض إلا أنها قد تكون دليلا قوياً على مدى إحباط الشارع الأميركي وفقدانه الثقة بالسلطة السياسية في واشنطن.