بقلم: محمد أحمد طنطاوي – اليوم السابع
الشرق اليوم – تجربة الصين للتوسع في إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية تستحق الاهتمام والدراسة من جانب الدول النامية، أو التي تسعى على طريق التنمية مثل مصر، خاصة مع بناء الجمهورية الجديدة، التي قطعاً يجب أن تعتمد على مصادر متعددة ومتنوعة في إنتاج الطاقة، دون التوقف عند محطات الديزل التقليدية، التي تحتاج إلى كميات ضخمة من الوقود، ويتراوح عمرها الافتراضي من 20 إلى 25 عاماً، بل يجب أن تكون هناك خطة طموحة للتوسع في بناء محطات نووية، وقد باتت محطة الضبعة خطوة نحو تحقيق هذا الحلم، أو بداية لهذا المشروع القومي، الذي يمكن أن يكون له دور استراتيجي وحيوي في تحلية مياه البحر، سواء على ساحل المتوسط في اتجاه الشمال، أو البحر الأحمر في الاتجاه الشرقي، خاصة أن هذه المناطق مازال لديها مشكلات في وصول المياه العذبة إليها، مع العلم أن العمر الافتراضي للمحطة النووية يصل إلى 60 عاماً، بما يجعلها اقتصادية على المدى الطويل، وتوفر كهرباء بأسعار أقل من محطات الوقود الأحفوري.
الصين وجدت طريقاً هاماً في إنتاج الطاقة من خلال المفاعلات النووية، التي تنتج ما يقرب من 10.4% من إجمالي الكهرباء في العالم، وفقاً لإحصائيات وكالة الطاقة الذرية، خاصة أن وسط وشرق آسيا مازالت معدلات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية فيها عند 6.3% فقط، فى حين أن هذه المنطقة الجغرافية يعيش بها نحو 1.7 مليار نسمة من إجمالي سكان العالم.
دول وسط وشرق آسيا أفضل حالاً من جنوبها، خاصة أن نسبة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية هناك تصل إلى 2.7% فقط، موزعة على نحو 1.9 مليار نسمة، لكنها أفضل حالاً من إفريقيا، التي يعيش فيها أكثر من 1.3 مليار نسمة، وتمثل الطاقة النووية 1.7% فقط من إجمالي إنتاج الكهرباء، وهو ما يؤكد حاجة قارتي آسيا وإفريقيا للتوسع في الطاقة النووية خلال الفترة المقبلة، وهذا أيضا يؤكد بُعد نظر التنين الصيني وقدرته على التخطيط بصورة أعمق خلال الفترة المقبلة، والتوسع نحو إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، خاصة أن الوضع في البلاد الأوروبية وأمريكا يختلف تماماً فأوروبا الشرقية على سبيل المثال تصل نسبة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية فيها إلى 22.1% في حين أن إجمالي عدد سكانها يصل إلى نحو 293 مليون نسمة، بينما النسبة في شمال وغرب أوروبا 24.2%، بإجمالي عدد سكان 454 مليون نسمة، كما أن الوضع في أمريكا الشمالية، التي يصل سكانها إلى نحو 370 مليون نسمة، لا يختلف كثيراً، فتمثل الطاقة النووية فيها حوالي 18.8% من حجم إنتاج الكهرباء.
تشغيل محطات التحلية العملاقة من خلال الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية مشروع حيوي وهام جداً للأجيال المقبلة، ويعوض النقص الطبيعي في حصة مياه النيل، التي تتآكل باستمرار مع الزيادة السكانية الكبيرة، التى نعانى منها، بالإضافة إلى تمتع مصر بموقع جغرافى مميزة يُمكنها من إنشاء محطات نووية جديدة بالقرب من المناطق الساحلية في البحرين الأحمر والمتوسط.
في عام 2019 حالفني الحظ لزيارة محطة لينينجراد النووية في روسيا، التي تضم 4 مفاعلات متطورة، 2 منها يمثلان نفس النموذج المنتظر بناؤه بمحطة الضبعة النووية في مصر، وقد كتبت حينها موضوعاً بعنوان” الطريق إلى الضبعة يبدأ من لينينجراد” فى إشارة إلى التجربة الروسية الهامة في بناء وتأسيس المفاعلات النووية، واختيار مصر لأحدث تكنولوجيا في العالم لتأسيس محطة الضبعة، لتدخل رسمياً النادى النووى الدولي، وهو ما سوف أستكمله في مقالي غدا.