بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – مسار الانتخابات الليبية المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل محفوف بالمخاطر، ومازالت أمامه تحديات كثيرة حتى يصل بالبلاد إلى بر الأمان.
والمؤكد أن الانتخابات ليست هدفًا في حد ذاتها، إنما هي وسيلة لجلب الاستقرار وحل الصراعات في البلاد المنقسمة كما في ليبيا، أو الآلية الأفضل لإجراء تداول سلمي للسلطة، كما في البلاد الديمقراطية.
والحقيقة أن التحدي الأول الذي تواجهه الانتخابات الرئاسية هو في وجود المرتزقة الأجانب داخل البلاد، وهو أمر يُصعب من مهمة إجرائها، ومن فرص احترام نتائجها. ورغم أن هناك جهودًا تُبذل لحل هذه المشكلة، سواء فيما يتعلق بالمرتزقة الأفارقة الذين يحاربون مع الشرق والغرب على السواء، أو المرتزقة الذين جلبتهم تركيا من سوريا أو مرتزقة فاجنر الروسية، وهي مشكلة لم تُحل بعد رغم الجهود المبذولة لسحب هؤلاء.
أما التحدي الثاني فهو موعد الانتخابات، فعضو المجلس الرئاسي عبدالله لافي أعلن مبادرة قامت على تأجيل موعد الانتخابات إلى شهر مارس من العام المقبل، واعتبرها زملاؤه في المجلس الرئاسي مبادرة شخصية لا تُعبر عن المجلس ككل.
وقد قامت هذه المبادرة على مجموعة من النقاط، تبدأ بتواصل المجلس الرئاسي مع مجلسي النواب والأعلى للدولة من أجل الوصول إلى توافق بين المجلسين بخصوص القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، وفي حال عدم توافقهما على المبادرة يقوم المجلس الرئاسي بتشكيل لجنة لدراسة القوانين الانتخابية وإصدارها بمرسوم رئاسي، وبعدها تعلن المفوضية العليا للانتخابات فتح باب الترشح للانتخابات التشريعية والرئاسية في 14 ديسمبر، ويغلق في الموعد الحالي لإجرائها، أي في 24 ديسمبر، على أن تجري الانتخابات وفق اقتراح اللافي في أول شهر مارس من العام المقبل. يقينًا تأجيل الانتخابات قد يكون أفضل في حال إذا كان ذلك سيؤدي إلى خلق بيئة آمنة لإجرائها واحترام نتائجها.
أما إذا كان نوعًا من المماطلة التي لن تغير شيئًا في الواقع الموجود على الأرض، والمتمثل في إخراج الميليشيات، ووضع خريطة طريق ملزمة لتوحيد المؤسسات وإجبار كل الأطراف على احترام نتائج الانتخابات، فإن هذا التأجيل سيُعقّد الأزمة ولن يحلها. إن نجاح أي تجربة انتخابية يتطلب التوافق على القواعد المنظمة، ووجود قوى سياسية تقبل بتداول السلطة وتحترم إرادة الناخبين ولا تحمل مشروع إقصاء أو تمكين، ومؤسسات دولة تعمل ولو بحد أدنى من الكفاءة لتضمن تنفيذ نتائج الانتخابات في الواقع وحماية إرادة الناس من أي تلاعب، وأن هذه الشروط مازالت غير متوفرة في ليبيا.
الانتخابات في ليبيا ستبقى وسيلة لتحقيق أهداف إعادة بناء مؤسسات الدولة وتوحيدها، وضمان حد أدنى من كفاءتها ونزاهتها، وتوحيد الجيش والأجهزة الأمنية، وإن أمكن العمل على إحداث توافق حول مرشحين لا يشكل نجاح أي منهم تعميقًا للانقسام الحالي، وهي كلها مهام صعبة وليست مستحيلة.