بقلم: عبداللطيف الزبيدي – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – هل أنت صعب الاختيار حين تتسوّق؟ سيكون الأمر أصعب إذا كنت ستشتري قماشاً، بين ألف نوع، والمحالّ دونها زحمة مرور ومسافات ومواقف سيارات. أبشر، فقد ابتسم العصر الرقمي وبزغت «ميتا»، وريثة «فيسبوك»، الثورة الجديدة في الشبكة العنكبوتية. اسمع كلام فيروز «خليك بالبيت»، ستتجوّل بين المتاجر، وإذا كانت أم كلثوم قالت «ولمست النجوم بإيديّا»، فأنت سوف تلمس الأقمشة في مراكز التسوّق بيديك، وأنت في بيتك. أتاك الواقع الافتراضي والواقع المعزز في أبعاد ثلاثية، حتى إذا سرح ذهنك لحظة ساهماً ساهياً، اختلط عليك الحلم بالعلم.
الآن، لماذا غيّرت «فيسبوك» اسمها؟ صار «ميتا». عادة، يكون تغيير الاسم الشهير عقاباً لصاحبه. لا عليك، «فيسبوك» لن تموت شرّ «ميتة»، فهي بسبع أرواح. جنابك تعرف «ميتا» منذ طرقت سمعك أوّل مرّة كلمة «ميتافيزيقا»، ما ورائيات. لغتنا تعشق الدعابة. ميتا تعني «ما بعد»، وكلمة وراء العربية تعني قدّام أيضاً: وراءك سفر طويل، وراءك عمل شاق. فيسبوك ستظل هي وأخواتها «إنستجرام»، «واتس آب»، «ماسنجر»، على حالها. المهمّ أن للظروف أحكاماً، فدعك من لماذا تغيّر الاسم. ربّما هروباً من التهم التي كانت سهامها تلاحق «فيسبوك»، وعليها الردّ اعترافاً بالذنب، أو تفنيداً أو تبريراً. ربما كان السبب حفاظاً على ملكيّة مارك زوكربرج للمنظومة. ربما لانعتاقه من نطاق مؤسسة منحصرة في شبكات اجتماعية، ليستطيع التحليق بمطامحه اللامحدودة في «ميتافيرس»، التي اختار لها شعار اللانهاية في الرياضيات. مجموعة الاحتمالات تلك قد تكون كلها صحيحة. ربما. أمّا لماذا اللون الأزرق إذا كان قد داعب خيالك، فلأن زوكربرج يعاني عمى الألوان، واللون الذي يراه جيّداً هو الأزرق. بالمناسبة: يحق له ألف حق أن يغنّي: «الموج الأزرق في عينيّ، يناديني نحو الأعمق». وهل ثمة عمق كعمق بحر ملياراته؟ الآن، أترك كل ذلك، وفكّر مليّاً في أبعاد هذه الجملة التي قالها الممسكون بمقاليد «ميتا»: «كل ما نفعله اليوم في الحياة الواقعية، سيغدو ممكناً فعله في العالم الافتراضي».
قلّب الأمور على وجوهها، فلهذا يبحثون القضايا الأخلاقية. الإنترنت بلا حدود. يضيفون عن هذه الثورة: «إنه عالم افتراضي سيسمح بالتفاعل عبر خيوط العنكبوت لإيجاد فرص خلاّقة جديدة، اجتماعية واقتصادية، في العمل، الألعاب، التعليم، التسوق والإبداع الفني».
العجائب، تستطيع أن تزور الثقب الأسود العملاق في قلب مجرّتنا، كما لو كنت هنالك.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستعدادية: «ميتا» ستوظف عشرة آلاف مبرمج في أوروبا، ودبي تستعدّ للعصر الرقمي باستقطاب مئة ألف مبرمج من خيرة الأدمغة في العالم.