الشرق اليوم- عام جديد بدأ في عمر الاتفاق الإبراهيمي، بعد أن طوى التوقيع على هذا الاتفاق عاماً زَخَر بالتطورات التي حملها، والتغيرات العميقة التي أحدثها في قِيَم الصراع، فدفَعَ إلى تراجع فُرص الصدام وتعزيز نشر ثقافة التسامح والحوار، ومَنَحَ فرصة حقيقية لدول الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار، بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثَّرت في مستقبل شعوبها.
وما من شك في أن هذا الاتفاق أسس لنظام إقليمي جديد يقوم على استكشاف فُرص التعاون المشترك ومواجهة التحديات والعثرات، من خلال رؤية جديدة تُعلي من قيمة الحوار البنَّاء والتعايش، الأمر الذي استثمر فيه «مركز تريندز للبحوث والدراسات» ليختتم أمس ندوة في جامعة تل أبيب حول ما حمله الاتفاق الإبراهيمي من فرص لتعزيز التعاون والتسامح والتنمية في المنطقة.
لقد حرص مركز «تريندز» على تنظيم هذه الندوة بالشراكة والتعاون مع مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط، انطلاقاً من القناعة بأهمية الدور الذي يجب على مراكز الفكر والدراسات أن تضطلع به في دعم الجهود الرامية إلى ترسيخ أسس السلام وتعزيز أوجه التنمية والتعاون المشترك، وإرساء مُثل التسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والثقافات باعتبارها الأساس في تحقيق السلام والازدهار في هذه المنطقة والعالم.
والتزم المركز بأن يعضُد زخم الندوة بمشاركة فاعلة من قِبل شريكه الإعلامي الاستراتيجي، صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، لقناعته التامة بوحدة الهدف وتلازم التأثير لكل من مؤسسات الفكر والدراسات والمؤسسات الإعلامية، إذ يقود الإعلام المسؤول مهمة نوعية في التصدي لخطاب الكراهية ونزعات التعصب والتطرف، ويتميز في تعزيز وعي الرأي العام بأهمية قيم السلام والحوار والأخوة الإنسانية.
ولأن الثقافة والمصالح الاقتصادية المشتركة تلعب، إلى جانب الإعلام، أدواراً مهمة لضمان تحقيق السلام المستدام وتمتين قواعده وحمايته، فقد شكَّلت هذه العوامل محاور الندوة التي أسهم فيها المشاركون بأفكار ورؤى وتوصيات لنخبة من المفكرين والخبراء والباحثين والأكاديميين من كلا الجانبين، التقت جميعها حول كيفية تعزيز آفاق التعاون والتسامح والتنمية والسلام في منطقتنا في ضوء الفرص التي وفَّرها الاتفاق الإبراهيمي.
فالعمل على التقريب بين الثقافات وتعزيز الحوار الثقافي والحضاري الذي يساعد في فهم كل طرف لثقافة الطرف الآخر، يخلق أجواء من قبول الآخر والتعايش معه، أما المصالح الاقتصادية المشتركة التي تتحقق من خلال توسيع الروابط التجارية والاستثمارية والشراكات الاقتصادية الفاعلة في المجالات التنموية المختلفة، فتمثل الأساس الأهم الذي سيستند إليه السلام المستدام الذي ننشده.
ما أتَتْ به الندوة هو بعض ما يرنو إليه كل الحريصين على الوصول إلى المستقبل المشرق الذي ننشده لشعوبنا ومنطقتنا، وما يسعى إلى تحقيقه كل الجادين بجهودهم المتضافرة لتحقيق ذلك، والمؤمنون بأننا جميعاً معنيون باستثمار الفرص الإيجابية، وبناء الروابط الإنسانية والمصالح المشتركة، والعمل على ترسيخ ثقافة السلام التي تقنع شعوب المنطقة وشبابها بأن بناء السلام سيأتي بالازدهار للجميع.
نقلاً عن الاتحاد الإماراتية